ليس لدينا أيّ مطلب سياسي أو اقتصادي بل مطلبنا بيئي

ليس لدينا أيّ مطلب سياسي أو اقتصادي بل مطلبنا بيئي
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81 Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81
Bouteflika
صورة من الأرشيف من زيارة قام بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى مدينة عين صالح (التابعة لولاية تامنراست) يوم 7 يناير 2008.

لقد اندهش القائد العام للشرط الجزائرية عبد الغني هامل، من رد مواطني مدينة عين صالح التي تبعد عن العاصمة بحوالي 2000 كلم جنوبا، حيث حمّلوه مسؤولية تمثيلهم لدى الرئيس بوتفليقة كي يبلغه عنهم رفضهم لمشروع الغاز الصخري جملة و تفصيلا وهم ينتظرون إجابة الرئيس من خلال القائد العام للشرطة بل يرفضون مقابلة رئيس الجمهورية وحتى مجرد تلبية دعوته لمقابلتهم.

الغريب أن رفض مقابلة الرئيس لم يكن على الإطلاق بالحدث المُدوي في الشارع الجزائري، بل كان أمرا عاديا بعد أن كان أمرا “جنونيا” قبل عامين، ويعلق المحلل الإجتماعي كامل الشيرازي على هذا التطور قائلا: “إن تأثير الثورات العربية ووسائط الإتصال الإجتماعي قد أصبح واضحا للعيان، ومن يظن أن الناس همّها البطاطا والخبز فقط فهو واهم، كما أن الجزائريين أضحوا أكثر اهتماما بما يحيط بهم أكثر من أي وقت مضى”.

وفي تصريح خاص لـ swissinfo.ch، يضيف كامل الشيرازي: “تذكر أن الدولة قد تراجعت على مشاريع كثيرة في العاصمة الجزائرية بسبب رفض المواطنين لتدمير غابتهم القريبة أو مناهضتهم لمحجرة في الجبل القريب من حيّهم، لقد كان احتجاج المواطنين من القوة والتصميم لدرجة أنه نجح في ليّ ذراع إدارة كانت ترفض الإستماع إلى أقوى الإحتجاجات فيما مضى”.

من جهته، صرح عبد الحميد سيماني الناطق الرسمي باسم المُحتجين في عين صالح لـ swissinfo.ch قائلا: “ليس لدينا أي مطلب سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي بل مطلبنا بيئي، فنحن نرفض رفضا قاطعا التنقيب عن الغاز الصخري في عين صالح لأنه ملوث للبيئة وتستعمل فيه شركة النفط الجزائرية سوناطراك أقدم و أوسخ طرق استخراج النفط على الإطلاق، وتحت أرجلنا في الصحراء الجزائرية، ثاني احتياط عالمي للمياه العذبة بما يقدر بحوالي 66 ألف مليار متر مكعب”.

ليست هناك مُقايضة.. ولن نتوقف عن الإحتجاج

في المقابل، هناك طريقة جديدة لاستخراج الغاز الصخري عن طريق تسخين غاز الهيليوم وضخه في الأرض فيزداد حجمه مائتي (200) مرة فيكسر الحجارة و يُخرج الغاز أو البترول المحتجز ما بين الصخور من دون تلويث للبيئة بأي مادة كيميائية، أليست هذه الطريقة صديقة للبيئة؟ أجاب عبد الحميد سيماني قائلا: “لقد سمعنا بهذه الطريقة و هي تُجرّب الآن في الولايات المتحدة الأمريكية و هي طريقة جديدة لم تثبت فاعليتها لحد الآن، كما أن إطارات الشركة الوطنية للبترول سوناطراك لم يتعلموها ولم يطبقوها. فهم يستخدمون الآن بالبئر التجريبية التي فتحوها في عين صالح طرقا قديمة جدا ويستعملون مواد كيميائية سامة، ومن كل بئر يحفرونها تصل نسبة التلويث إلى حدود 70 في المائة، لقد رفض الرئيس الفرنسي هولاند أي حديث عن الغاز الصخري في فرنسا ونحن نرفضه في الجزائر ولن نتوقف عن الإحتجاج إلى غاية توقف كامل عمليات الحفر و التنقيب”.

من ناحية أخرى لا يبدو صحيحا ما أشيع عن رغبة سكان عين صالح بمقايضة الدولة من خلال الظفر بمشاريع تنموية صناعية وزراعية في مقابل السماح بالتنقيب عن الغاز الصخري، فقد أكد عبد الحميد سيماني لـ swissinfo.ch: “نحن لا نستجدي الدولة بتنمية منطقتنا، فمطلبنا بيئي بحت ولم تخرج نساؤنا وأبناؤنا للإحتجاج إلا للمطالبة بوقف مشاريع الحفر والتنقيب وتلويث البيئة، فقد عانينا في عهد الإستعمار الفرنسي من ويلات التجارب النووية والآن هناك رغبة في إعادة تلويث منطقتنا بأوساخ كيميائية جديدة، أما التنمية والإستثمارات فإن حلها وطني بيد الحكومة التي يقع على عاتقها إلغاء الإجراءات البيروقراطية التي تعرقل الإستثمارات الوطنية و الدولية في عين صالح و في غيرها من مناطق الوطن”.

مخزون مائي ضخم

ولمحاولة التدقيق في ماهية الغنى والحساسية البيئية لعين صالح وباقي مناطق الصحراء الجزائرية، سألت swissinfo.ch البروفيسور رابح بن شريف، المستشار الفلاحي والبيئي لعدد من رؤساء الجزائر (من بينهم الشاذلي بن جديد و عبد العزيز بوتفليقة) ورؤساء حكومات من بينهم رئيس الوزراء الحالي عبد المالك سلال، عن مدى صدقية احتجاج أهالي عين صالح؟ فرد قائلا: “إنهم على حق مائة بالمائة، وهم لا يُدافعون عن حقهم وبيئتهم بل عن بيئة و مستقبل الجزائر والمغرب العربي بأسره، ولقد أخبرت الرئيسين الشاذلي بن جديد و بوتفليقة بمدى ضخامة المخزون المائي في الصحراء الجزائرية الذي تكفي كمياته المقدرة بستة وستين ألف مليار متر مكعب (على فرض استهلاك ستة ملايير في السنة لتغطية حاجيات الجزائر الزراعية) لمدة 12 ألف سنة”.

ch: وماذا قال لك الرئيسان الشاذلي بن جديد وبوتفليقة؟

البروفيسور رابح بن شريف: أما الشاذلي فقد استمع إليّ ولم يفعل شيئا، وأما بوتفليقة فقد استغل فكرتي ووافق عليها ومن ضمنها إنشاء خط أنبوب المياه الرابط ما بين عين صالح ومدينة تامنراست جنوب العاصمة والذي كلف قرابة ملياري دولار، و هو الآن يفي بحاجيات أقصى المناطق الجنوبية من الماء الشروب… أما موضوع الإستفادة من المياه في الزراعة في كامل المناطق السهوبية لتحقيق الإكتفاء الذاتي من الغذاء، فقد أخبرني رئيس الحكومة عبد المالك سلال، بأن خلافا قد نشب ما بين أعضاء الحكومة ومستشاريها حيال الكيفية التي ستوزع بها ملايين الهكتارات، أي هل ستوزع على القطاع الخاص الجزائري أو الأجنبي أو على القطاع العمومي الجزائري؟”.

swissinfo.ch: “وهل أخبرتم الدولة الجزائرية بكيفية تحقيق الإكتفاء الذاتي في مجال الغذاء؟

البروفيسور رابح بن شريف: “نعم لقد أخبرتهم أنه يُمكن للجزائر أن تصبح المصدر الأول أو الثاني للقمح والغذاء في العالم، فمن خلال رش مليوني هكتار بواقع إنتاجية تقدر بستين قنطارا في الهكتار ستكتفي الجزائر من مادة القمح وتصدّر. أما إذا رشت عشرين مليون هكتار فستتبوأ موقعا عالميا جيواستراتيجيا في ميدان التوازن الغذائي العالمي لمئات السنين إن لم يكن لآلاف السنين.

swissinfo.ch: فماذا كان رد السلطات؟

البروفيسور رابح بن شريف: أعجبت بالفكرة كثيرا، لكن كما قلت لك فقد نقلوا المياه إلى تامنراست وأجّلوا موضوع الأمن الغذائي إلى موعد آخر بسبب الخلافات الإدارية كما قلت لك، كما أني أخبرتهم أن تونس يُمكنها أن تستفيد من المشروع.

swissinfo.ch: كيف يُمكن لتونس أن تستفيد هي الأخرى؟

البروفيسور رابح بن شريف: إن مواطني عين صالح على حق في الوقت الحالي لأن ما ستخسره الجزائر أكبر مما ستربحه من عمليات التنقيب والحفر عن الغاز الصخري بهذه الطريقة المُؤذية للبيئة، أما تونس فلديها عشرون بالمائة من كميات البحر العذب تحت الصحراء الكبرى، فيما للجزائر سبعين و لليبيا عشرة في المائة، وما يُسمّى الآن بحوض الجريد الجاف و القاسي في الوقت الحالي يمكنه أن يتحول إلى جنان و حقول خضراء إذا ما تم استغلال هذه المياه الجوفية بشكل علمي في تونس التي يمكن استغلال ما يقارب من ثلاثة ملايين هكتار فيها وستصبح هي الأخرى لاعبا أساسيا في سوق الحبوب العالمي دون أدنى شك”.

يتضح إذا أن الوعي الجمعي للمواطنين الجزائريين قد تغير عما كان عليه قبل خمسة أعوام خاصة عندما يرتبط بمواضيع مصيرية كتلويث المياه العذبة في الصحراء الجزائرية فرد المواطنين كان رفضا قاطعا، لكن يبدو أن الدولة المصرة على استخراج الغاز الصخري ستُجبر على سلوك “خط وسط”، لأن انهيار أسعار النفط العالمي من جهة و انخفاض المخزون الجزائري من البترول والغاز من جهة أخرى، سيدفعان دفعا الشركة الوطنية للبترول والغاز “سوناطراك” للبحث عن أفضل و أحدث و أنظف الطرق لاستخراج الغاز والنفط الصخريين لأن مداخيل الميزانية قد تراجعت وقد تُصبح أقل على المدى المتوسط.

عموما، يرى العديد من المحللين أن المتغيرات الإجتماعية المرتبطة بالوعي الجمعي قد أصبحت عاملا مهما في اتخاذ القرار السياسي و الإقتصادي، وهو دليل آخر على أن ما سمّي بـ “الربيع العربي” قد أثّـر في بلاد أخرى من المنطقة عبر المثل والبرهان وليس بالضرورة عبر غضب شعبي يندلع كالبركان.

بقلم هيثم رباني – الجزائر

(المصدر: swissinfo.ch)

sibaradmin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *