التبشير الإسلامي والحركات النسوية

التبشير الإسلامي والحركات النسوية
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81 Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81

بقلم: عصام خوري

المسلمون عامة، والعرب تحديدا، وجدوا في مونديال كأس العالم 2022 لكرة القدم، الذي أقيم في قطر فرصة مثالية من أجل تغيير الصورة النمطية عن المسلم المتهم بالإرهاب، حيث كان التنظيم مميزا وخاليا من أحداث الشغب، حيث فرضت الدولة القطرية شروطها التنظيمية على المشجعين، تماشيا منها مع الأعراف الإسلامية الممثلة بهذه الإمارة، ومن هذه الشروط:

  • يسمح بشرب المشروبات الكحولية فقط في المطاعم والبارات الحاصلة على تراخيص في قطر.
  • يجوز للمقيمين غير المسلمين في الدوحة الذين لديهم رخصة مشروبات كحولية تناولها في المنزل.
  • يسمح للمشجعين بشراء الجعة “البيرة” داخل مجمعات الاستاد، قبل وبعد المباريات، ويمنع شربها على المدرجات.
  • يمكن للجماهير تناول المشروبات في المساء في “منطقة المشجعين” المخصصة في وسط مدينة الدوحة.
  • يعاقب على السكر في الأماكن العامة بغرامات باهظة، وبالسجن.
  • يمنع حمل أو بيع أو تداول أي نوع من المخدرات أو حتى الحشيشة.
  • تفرض عقوبة بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات على البالغين المدانين بممارسة الجنس بالتراضي بين المثليين والمثليات.
  • سمحت الإمارة بدخول المثليين دون رفعهم لأي شعار يدعم المثلية أو يروج لها داخل مدن إمارة قطر[1].  
  • تتساهل الإدارة فيما يتعلق بمسك الأيدي في الأماكن العامة، ولكنها ترفض المشاهد الحميمة بين الذكور والإناث.
  • يعد رفع الإصبع الأوسط، أو الشتائم، خاصة عند التعامل مع الشرطة أو غيرها من السلطات، جريمة تؤدي إلى الاعتقال.
  • يُوصى الجميع بارتداء ملابس محتشمة في الأماكن العامة، أي أن يغطى الكتفين والركبتين.

طبعا هاجم الإعلام الدولي هذه الشروط قبل بدأ المونديال، والكثير من اللاعبين توعدوا بأنهم سيصدرون مواقف تعادي بعض القرارات من داخل الإمارة، إلا ان ذلك لم يحدث، واقتصر الأمر على بعض الحركات الفردية التي حاول الإعلام القطري تجاهلها فمثلا ظهرت ملكة جمال كرواتيا ايفانا كونل[2]  من على المدرجات بعدة صور تظهر مفاتنها، ونالت صورها شعبية كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعية، حتى أصبحت صورها تنافس اللاعب ليونل ميسي، وصرحت ايفانا أن الكثير من المسلمات المحجبات والشباب المسلم التقطوا معها الصور[3]، في دلالة على انفتاح الشعب القطري.

اللافت للنظر أن الإعلام الشبه الرسمي الممثل بالجزيرة، وقنوات بن سبورت[4] القطرية لم تركز على صور ايفانا أو غيرها من المشجعات الجميلات السافرات، بل جرى التركيز على صورة فتاة عربية محجبة شاركت اللاعبين الإنكليز خلال عزف نشيد بلادهم الوطني، وخصّة قنوات الجزيرة هذه الصورة بعبارة “لقطة اليوم”[5]، في إشارة من القناة التي طالما روجت لحركات الإسلام السياسي إلى أن الحجاب للفتيات أمر طبيعي، وعلى العالم أن يتقبله.

ولكن هذه الصورة لاقت حالة انتقاد شديدة من الجمهور العربي المسلم المعتدل، الذي ملّ من الخطاب التعبوي الديني، الذي لطالما كان مترافقا مع الأنظمة الديكتاتورية العسكرية والدينية، فجاءت الانتقادات، ضمن توجه عريض مفاده “أن الدين يقتل براءة الأطفال”، “الأطفال لم يختاروا ديانتهم، لذا الحجاب فرض عليهم”، “الأسر المسلمة المتشددة تمارس حالة فرض الدين على الأطفال”.

والجميل في تلك الانتقادات أنها جاءت في تماهي مع المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[6] الذي اعتمد عام 1948 وينص على “حق الجميع في اعتناق المعتقدات، أو أن يكون لنا إيمان، أو أن يكون لنا دين، أو أن نغيره مع الزمن، وكان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقدميًا للغاية في التأكيد على أن المؤمنين من جميع الأديان والمعتقدات العلمانية، يجب أن يكونوا قادرين على العيش بسلام مع حقوقهم التي تضمنها الدول، مع عدم افتراض أي دين قومي، أو دين ترعاه الدولة”.

أيضا ضجّت وسائل التواصل الاجتماعية الموالية لحركات الإسلام السياسي، بفيديوهات ترويجية لاعتناق 500 من المشجعين في المونديال الديانة الإسلامية، وقد بين برنامج تريندين [7]على قناة بي بي سي أن العديد من تلك الفيديوهات كانت أقدم من فترة المونديال، ومن دخل في الإسلام في كل دول العالم خلال عام كامل كان 500 شخص، مما يدلل على وجود سياسة إعلامية موجهة داخل المونديال لإشعار المسلمين المتدينين بأن المونديال جاء لخدمة التبشير الإسلامي وليس لهدف توحيد العالم العاشق لكرة القدم!

والغريب في هذا التوجه الدعوي أنه يتعارض مع التوجهات القطرية التي أعلنتها قبل المونديال، حيث وضحة السفارة الأميركية في قطر أن “الأنشطة على غرار التظاهرات، والتجمّعات الكبيرة، والتبشير الديني، والدفاع عن الإلحاد، والخطابات الناقدة للحكومة القطرية، أو للإسلام، قد تؤدي إلى ملاحقة قانونية[8]“، من هنا نفهم أن الحكومة القطرية ترفض التبشير الديني على أرضها إن كان غير إسلامي، في حين تسمح بالتبشير الإسلامي وتروج له!

وفعليا لعبت دولة قطر دورا رياديا في الحوار مع التنظيمات الإسلامية المتطرفة، مثل تنظيم طالبان الذي منع مؤخرا الفتيات من الدراسة الجامعية[9]، وحظر عليهم العمل[10]، مما استدعى حالة استنكار دولية، أيضا العلاقات القطرية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي ممتازة رغم أن الأخيرة تفرض قيودا قصرية على النساء وتجبرهن على ارتداء الحجاب، مما استدعى قيام مظاهرات حاشدة منذ مقتل الشابة لمهسا أميني في سبتمبر/ أيلول 2022 على يد شرطة الإرشاد (أو الأخلاق)[11] تحت ذريعة عدم ارتدائها الحجاب وفق الشروط المعتمدة في دولة الفقيه.  

من هنا على الإعلام الدولي التنبه نحو السياسات الناعمة التي تنتهجها جماعات الإسلام السياسي وداعميها من الحكومات الإسلامية، خاصة إن كانت تضر بحق الأطفال والنساء، فالأمر لا يمكن تصويره بأنه خصوصية ثقافية لدولة مسلمة يجب احترامها، بل هو في الحقيقة سياسة موجهة نحو تهميش دور الحركة النسائية في العالم.

خاصة وأن هذه الحركة النسوية حققت تطورا لافتا في العالم العربي، حيث قادت النساء السودانيات[12] التظاهرات التي أطاحت بالحكم العسكري في البلاد، كما حصلت النساء السوريات في مناطق الإدارة الذاتية على قوانين تمنع تعدد الزوجات، بالإضافة للمساواة بحق الإرث، والتمثيل السياسي المتوازي مع الرجال، أيضا سمحت المملكة العربية السعودية للنساء بحرية لبس الحجاب، وقيادة السيارات[13]، ودخول المطاعم، والحانات، والدور الرياضية بمشاركة مع الرجال، وهو ما كان ممنوعا في عصر القمع النسوي الذي عاشته المملكة قبيل عام 2018.


[1] https://arabic.rt.com/sport/1406949-4-%D9%85%D8%AD%D8%B1%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D9%8A%D8%AC%D8%A8-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%AD%D8%B6%D9%88%D8%B1-%D9%83%D8%A3%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-2022-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B7%D8%B1/

[2] Ivana Knöll

[3] https://www.instagram.com/p/Cl3t2n2jZL0/

[4] beIN SPORTS

[5] https://www.facebook.com/AJA.Egypt/photos/2247548205628198/?paipv=0&eav=Afbw_gR7_ODBVxPrlRuEXhUbea1L8os1DQy7hTHh06KUX7UOhnO9GTMD9adeoHsahWk&_rdr

[6] Article 18 of the Universal Declaration of Human Rights (UDHR) says we all have the right to our own beliefs, to have a religion, have no religion, or to change it. For its time, the UDHR was very progressive in asserting that believers of all religions and secular beliefs should be able to live peacefully with their rights guaranteed by the State, while not presuming any national or state-sponsored religion.

https://www.ohchr.org/en/press-releases/2018/11/universal-declaration-human-rights-70-30-articles-30-articles-article-18#:~:text=Article%2018%3A%20Freedom%20of%20Religion,religion%2C%20or%20to%20change%20it.

[7] https://www.bbc.com/arabic/tv-and-radio-63735435

[8] https://www.dw.com/ar/%D9%83%D8%A3%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%AF%D9%84%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AC%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%B8%D9%88%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%85%D9%88%D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B7%D8%B1/a-63711491

[9] https://news.un.org/ar/story/2022/12/1116917

[10] https://voi.id/ar/news/239269

[11] Gasht-e-Ershad,” which translates as “guidance patrols,” and is widely known as the “morality police,” is a unit of Iran’s police force established under former hardline president Mahmoud Ahmadinejad. https://www.bbc.com/arabic/middleeast-62974336

[12] https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D9%8A%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1/2448661

[13] https://www.bbc.com/arabic/middleeast-44043248

CESD

تأسس المركز عام 2003 في سوريا بجهود عدد من الكتاب والباحثين العرب، ثم توسع في نشاطه وعمله يغطي غالبية دول الشرق الاوسط وشمالي افريقيا، وفي عام 2015 بادرت ادارة المركز لاعادة هيكلة فريقها وتاسيس فريق عمل ينشط من نيويورك في الولايات المتحدة لهدف خدمة منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا The Center for Environmental and Social Development demonstrates a commitment to social justice through investigative journalism and human rights implementation. We strive to bring democratic change to the Middle East and North Africa. Emerging from a range of fields including philanthropy, political science, law, human rights, and medicine, we embrace collaboration in order to support peaceful and stable democratic movements across the MENA Region. Our efforts contribute to the foundation’s mission of creating a new culture in the region which is mainly based on the values of citizenship, democracy, and coexistence.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *