تقرير المنطقة العازلة الشاملة في سوريا

تقرير المنطقة العازلة الشاملة في سوريا
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81 Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81

بقلم: عصام خوري
منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية
//نيويورك//

issam

لطالما طالبت المعارضة السورية بشقها الخارجي “المجلس الوطني، الاتلاف” بمنطقة عازلة تكون منطلقا للتحركات العسكرية ضد النظام ومكان مناسب يتجمع فيه المدنيين المحميين بمضادات الطيران، الا ان هذا المشروع لم تفتح له نوافذ طيلة اربعة اعوام، وظلت على أثره المعارضة السياسية منعزلة عن المعارضة العسكرية التي تعمل على الارض الخارجة عن سلطة النظام، بينما النظام كان ينكل بهذه الاراضي ويدمر البنى التحتية والمنازل في البلدات والمدن التي تخرج عن سلطة قواته، مكرسا ثقافة اما انا او الطوفان.

طبعا لم تتحلى المعارضة العسكرية بالنزاهة وقسم كبير منها تحول الى لصوص وقطاع طرق، وتغيير واقع حلم الجيش الحر الى واقع مليشيات عسكرية مختلفة الهوية والانتماء، وغلب على شكلها الطابع الاسلامي، حتى ان احد زعماء الجيش الحر طلّ على الاعلام بذقن طويلة تظهر الطابع الراديكالي ودعا التحالف الدولي لمحارب ارهاب القاعدة وتنظيم الاسد معا،  وبهذا التصرف تجاهل هذا القيادة الاسلامي الاعراف العسكرية التي تفترض وجود ناطق اعلامي باسم الجيش الحر “حليق الذقن ويلبس بذة عسكرية” كما كان يحدث في بداية العامين الاول والثاني من الحدث السوري، وهذه الحادثة على بساطتها الا انها تقدم مؤشرا واضحا قد يدفع التحالف الدولي الذي تقوده اميركا الى بناء استراتيجيات تدخل تتناسب وقرار مجلس الامن الاخير بحق تنظيمي النصرة وداعش، وتصريحات الرئيس الاميركي المتكررة بأن على الاسد الرحيل.

المجازر اساس التدخلات العسكرية:

بعد مجزرة الكيمائي في الغوطة الشرقية بغض النظر عمن قام بها، وجدت الولايات المتحدة الذريعة الناضجة للتدخل العسكري، وكان تأخير هذا التدخل عبر الفريق الروسي الذي تعهد ان يقنع الجانب السوري بتسليم هذا السلاح لمنظمة حظر الاسلحة الكيمائية، وبالفعل الغيت هذه الضربة العسكرية واعلنت المنظمة الدولية عن تسلمها كافة الاسلحة. وما ان انتهت صفقة الكيمائي حتى بدأ التجهيز لمرحلة جديدة ضمن مشروع مكافحة الارهاب وتقويض تنظيم القاعدة “فرع البغدادي” الذي اجتاح الجيش العراقي “ذو الغالبية الشيعية”  المتعسكرة في المناطق السنية العراقية “الموصل”، واستغل وجود هذه المليشيا التي قيمتها الاستخبارات الاميركية ما بين “20-31” الف مقاتل لتضغط دوليا واقليما لضرورة تنحي حكومة المالكي التي باتت ديكتاتورية عسكرية ودينية حاكمة الارض العراقية.

طبعا لتأجيج التدخل الدولي امام الراي الشعبي لدول التحالف كان من الضروري وجود ضحية، وللاسف كانت تلك الضحية الاقليتين العراقية الايزيدية والمسيحية، الامر الذي دفع غالبية منظمات حقوق الانسان ومؤسسات اليمين الدينية في العالم للضغط على حكوماتها بضرورة التدخل وانقاذ هاتين الكتلتين البشريتين، وطبعا الحكومات الغربية رحبت بالفكرة فهي ترغب بان تكون كمثال شخصية “سوبرمان” الخيالية التي تدافع عن الخير ضد الظلم والاستبداد، وحصل التدخل العسكري الجوي الذي ابعد مليشيات تنظيم داعش عن سد الموصل والشمال العراقي، وعندما تأخر تكوين الحكومة العراقية الجديدة جاءت قوات داعش لقرب بغداد فسارع الساسة العراقيين لتشكيل تلك الحكومة وبعدها جاءت الضربات الجوية الفرنسية-الاميركية.

طبعا يتوقع ان تنظيم داعش سينحسر في العراق بعد اتمام صفقات وزارة الداخلية والدفاع العراقية التي يفترض ان يتواجد فيها فريق سني متوازن مع الكتل الشيعية التي كانت مهيمنة على القرار السياسي والامني والعسكري العراقي.

وفعليا بدأت العشائر العراقية ترتيب اجنداتها لتشكيل قوة مشابهة لما حدث زمان فترة ” الجنرال ديفيد بتريوس  قائد القوات الأمريكية في العراق” حينما اسس الصحوات التي قلصت تنظيم القاعدة، والان التاريخ يكرر نفسه فالهدف هو دحر تنظيم داعش، عن ارض الرافدين، ولكن عملية الدحر هذه ستؤدي حكما لانسحاب تلك القوة وتكتلها في سوريا كون الحدود بدون ضوابط قانونية.

داعش سوريا واولوياتها:

تنفيذا للوعود الاميركية تم تشكيل تحالف ضم عدة دولة عربية سنية، وبدات الضربات الجوية على تنظيمي داعش والنصرة بتاريخ 23/9/2014 مستهدفة مقراتهم ومراكز تدريبهم ومستودعات سلاحهم، ولم تأتي تلك الضربات بتنسيق مع حكومة الاسد، بل تم اعلامه من قبل مبعوث رسمي عراقي ان الضربات حتمية في سوريا، وبالطبع لم يتجرأ النظام ان يدفع بمضاداته الارضية ضد طيران التحالف بل سعى لتسويق الحدث شعبيا على ان الولايات المتحدة تنسق معه سرا[i]، وتستفيد من خبراته!!!…

الا ان الصفعة التي وجهت للاسد لم تكن عبر التحالف بل كانت عبر اسقاط اسرائيل لطائرة سوخوي يوم 23/9/2014 فوق مرتفعات الجولان، وبهذه الحادثة يتبين ان الإسرائيليين قرروا ان يمنعوا الطيران السوري من الاقتراب من الجولان والشريط “المنزوع السلاح: قوات الفصل الدولية” في حين كانت تتغاضى عن هذا الامر قبل اعوام “منذ اندلاع الاحداث بسوريا” وتزامن هذا الحدث مع تقدم لافت لقوات المعارضة السورية في محافظة القنيطرة، ومساعي المعارضة لربط مناطق سيطرتها في درعا والقنيطرة مع “الغوطتين الشرقية والغربية”. ورغم وجود تنظيم النصرة بقوة في مناطق الجنوب السوري الا ان التحالف الدولي لم يستهدف مقراتها، بل اكتفى بمناطق الشمال والشمال الشرقي السوري.

 طبعا العمليات العسكرية في يومها الاول كانت عبارة عن 160غارة اغلبها حققت اهدافها ومن ابرز انجازاتها القضاء على جماعة “خرسان الارهابية” التي بايعت البغدادي. وتوعد الكونغرس ان الضربات الجوية ستتوالى  لمدة عام، وهذا الامر بطبيعة الحال سيدفع مقاتلي داعش والنصرة لاخلاء مناطق تمركزهم في “الرقة ودير الزور والشدادي وحلب وادلب” والبحث عن مواقع امنة ينشطون فيها عسكريا، وهذا الامر بطبيعة الحال سيدفعهم للانخراط مع مقاتلي الجنوب السوري الذين يحتاجون للدعم العسكري كي يقارعوا الاسد في دمشق.

طبعا هذه المعادلة ستجعل الاسد قريبا في وضع لا يحسد عليه.

فهو ان قرر ان يطلق العنان لطائراته كما كان يفعل سابقا فان طائراته قد يصنفها التحالف بانها طائرات عدوه، فالاسد ليس شريكا للتحالف العسكري كما اعلن اوباما، بل الشريك الوحيد هو “المعارضة السورية المعتدلة”، وفي حال قال البعض ان المعارضة المعتدلة غير موجوده، فعلينا ان ننشط ذاكرتنا وندرس ما تم في العراق عام 2003، عندما كانت المعارضة العراقية في واقع اسوء بكثير من واقع المعارضة السورية سياسيا وعسكريا، ولكن تم تشكيل حكومة حاكمت صدام حسين تحت غطاء اميركي وعاقبت كل رموز البعث.

ما اقصده من سردي لما تم في العراق ان المعارضة المعتدلة المسلحة “وفق التصنيف الاميركي” ممكن بنائها باشهر، وبصيغة تناسب نسبيا مع الاجندات الاميركية.

بناء المعارضة المعتدلة:

وجه السيناتور الاميركي الجمهوري “جون ماكين” تساؤل هام للرئيس الاميركي اوباما حول استراتيجيته في دعم المعارضة السورية وملخص سؤاله “ان دربنا 5400مقاتل سوري معتدل، ما الذي يضمن لنا ان لا يأتي طيران الاسد ويقتلهم، وهذا يعني اننا خسرنا انفاقاتنا المالية التي يدفعها الشعب الاميركي”

طبعا هذا التساؤل هام جدا، ولا يمكن ان يمر بهدوء عند الفريق السياسي للحزب الديموقراطي الاميركي الذي يتحضر من الان لتجهيز مرشح ديموقراطي جديد في الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، أي على ادارة اوباما ان تنظم مفهوم جديد للمنطقة العازلة. وهذا ما نستطيع فهمه من التصريح التركي الجدي بضرورة اقامة منطقة عازلة تكون موقعا لاستقبال النازحين المتوقع توافدهم بشكل كبير خلال الضربات الجوية، ويتوقع ان يتم التصويت على هذا الامر من البرلمان التركي بداية الشهر القادم.

وبهذه المبادرة التركية نفهم جملة تقاطعات تتناسب وآليات الحزب الديموقراطي الاميركي الذي اعتاد دائما ان يبني تحالفات عسكرية يلعب فيها دور المنقذ في النفس الاخير وهذا الامر تجلى بوضوح في تجربة يوغسلافيا، وظهر ايضا في ليبيا “القذافي”.

الا ان الواقع السوري ووجود هذه الكثافة الكبيرة من مقاتلي القاعدة في سوريا دفع الولايات المتحدة ان تكون المبادر الاول ضد داعش، وهذا الامر لا يعني ان خطوات الحلول ستكون سريعة جدا، بل قد تستغرق مدة عام، وهو امر يعلي من شعبية الحزب الديموقراطي في الشارع المحلي قبل الانتخابات، خاصة وانه يقتل قاطعي الرؤوس.

 وخلال هذا العام من المتوقع ان تبدأ مرحلة جديدة في جسم الجيش المعارض للاسد الذي سيكون مكلفا بملفين وهما:

1-ملئ الفراغ:

وسيتم هذا الامر عبر تاسيس عسكري جديد ومنسجم للمعارضة العسكرية التي سينفق عليها الكونغرس مبلغ 500مليون دولار، وبدأت اولى بذور هذا القرار عبر حل القيادة العسكرية العليا يوم 21/9/2014 من قبل الاتلاف المعارض، والاعلان عن اعادة هيكلتها بعد مدة شهر، من هذه الحادثة التي سبقت الضربات الجوية الاميركية ندرك مدى التنسيق المعارض مع الولايات المتحدة عبر الوسيط السعودي الذي ساهم في الغارات الجوية على داعش يوم 23/9/2014.

يفترض ان تكون مهام هذا الجيش الجديد والصغير (اول دفعة 5400مقاتل مدرب، الدفعة الثانية قرابة 10آلاف مقاتل) ان ينظف المناطق التي يقصفها التحالف من اللصوص والمرتزقة وايضا بقايا تنظيمي داعش والنصرة المختبئين في البيوت والاحياء. وفعليا لا يستطيع القيام بهذا الامر الا قوة سورية تستطيع التفاهم وتناقل المعلومات من قبل السكان المحليين، ويجب ان تكون هذه القوة محمية جوا أي من المؤكد ان بناء منطقة جوية عازله لها هو امر طبيعي، واي استهداف لها عبر صواريخ من قبل النظام سيعني ان الدفاعات الجوية واسلحة الدفاع الجوي السوري ستكون مباشرة اهداف مشروعة للجانب الاميركي، فهذه القوة العسكرية بمثابة الشرطي الاميركي البري المحارب على الارض.

2- القضاء على الاسد في دمشق:

ان الية عمل هذه القوة المدعومة من البنتاغون ستدفع المقاتلين الراديكاليين المتطرفين او القريبين للتطرف ان يتركوا مواقعهم العسكرية القريبة من الشمال السوري، وكي يبرروا استمرار عسكرتهم سيضطرون للانضمام لمقاتلي التنظيمات الاسلامية في الغوطتين الشرقية والغربية، وهذا الامر سيعزز من قوة وتمدد الجبهة الجنوبية كما شرحت سابقا، مما يعني ان المعارك الحقيقية بين المعارضة والنظام ستكون في دمشق، كما حدث تماما في كل تجارب الربيع العربي التي اخذت شكلا عسكريا.

طبعا لا يهم ان قتل الاسد في هذه المعارك او لم يقتل، وقد ينتصر جيشه على المعارضة الاسلامية او العكس، ولكن المهم ان المنتصر سيكون ضعيفا جدا جدا وبلا احتضان دولي او اقليمي، وهنا سيكون مفروضا على التحالف الدولي ان يملئ الفراغ بكتلة عسكرية وامنية قادرة على الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات، وينزع المنتصر الضعيف والغير مقبول اقليميا.

طبعا تجربة يوغسلافيا نراها جدا مناسبة في الحالة السورية، ولكن عناصر التدخل الدولية لن تكون اوروبية بل ستكون عربية مسلمة من اجل مراعاة الخصوصية السورية، ويتوقع ان يكون للمدارس الحربية المصرية العريقة نسبيا دورا رياديا في عملية تدريب وتنظيم الجيش السوري الجديد الذي سيجمع فيه خليط من الجيش القديم والجيش المنشق، وستكون اولى اهتمامات هذا الجيش ضمان المؤسسات في المدن الرئيسية في سوريا، وفي ظل هذه الفترة الانتقالية قد نرى تجمعات قومية وعرقية ودينية تقوم بعمليات حماية ذاتية، لحين توسع شكل الجيش الجديد الذي سيتسلم المناطق تباعا، ولكن ليتم هذا الامر امامنا عدة سنين فوضى وقد تتجاوز العقد من الزمن.


[i] المندوب الاميركية في نيويورك اعلم الجعفري قبل ساعات من الضربة بأنهم سيقصفوا الاراضي السورية

 

sibaradmin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *