تقرير: جورجيا باب من أبواب الحرب الشرق أوسطية

تقرير: جورجيا باب من أبواب الحرب الشرق أوسطية
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81 Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81

issam6nyبقلم: عصام خوري

منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية

بين الروس السلافيين أنهم يدافعون عن حدودهم حتى الرمق الأخير، ولربما تمادى الأميركيون في إسراعهم لمقارعة الروس الساعين للانفتاح الاقتصادي بخطى حثيثة.

فيصرح المحلل الجيو-استراتيجي ماكيل شودمسيكي لمؤسسة ايو: يبدو أن الرئيس الجورجي مصاب بعدوى التسرع كما الجمهوريين في البيت الابيض.

بينما توقع اللاجئ السياسي والخبير بالشأن الروسي د. محمد النعماني: أن عام 2012 المتزامن مع الانتخابات الروسية القادمة، قد يحمل معطيات حرب عالمية ثالثة، مع وصول فريق روسي اكثر تشددا وسعيا لتكريس النفوذ الروسي في القوقاز

الابعد من جورجيا:

هيمن مشروع الدرع الصاروخي طويلا على صفحات الإعلام وبرامجه المنوعة، رغم ضعف إمكانية نفاذ هكذا مشروع في الموازين العسكرية المتعارفة، حيث يعلمنا الخبير العسكري بيان اوكوان: مشروع الدرع الصاروخي هو مشروع نافذ للصواريخ البعيدة المدى، لكنه غير فاعل لتلك القصيرة المدى، مما يجعل الولايات المتحدة هي المستفيد الفعلي من هكذا مشروع، كونها تستعين ببعد المحيطين الهادي والأطلسي كدرع طبيعي بالإضافة للدرع العسكري المزمع إقامته. لكن اللافت للنظر أن معايير الإرهاب وأدواته باتت لا تعترف بالصواريخ أو المحيطات، لان ركيزتها الأساسية هي العنصر البشري الملتزم إيمانا بقضيته الإرهابية.

إن تصريح الخبير أوكوان يدلل أن المقصد الأميركي في مشروعه، هو زرع كتل عسكرية اميركية في أنحاء مختلفة من العالم من أجل تدخلات سريعة الأثر مستعينين بالاستخبارات الأميركية النافذة بين غالبية الكتل العسكرية في أنحاء العالم، من خلال علاقتها الكبيرة مع شركات السلاح العالمية والاميركية خاصة. في حين ينافسهم ضمن هذا المضمار فريق من الاستخبارات الروسية الساعية أيضا لتفريغ عتاد بلدها العسكري القديم، وبناء آخر أكثر حداثة في ظل سباق التسلح الذي لم ينقطع رغم انتهاء الحرب الباردة إعلاميا مع انهيار الاتحاد السوفيتي وجدار برلين.

ومما لا شك فيه أن للاقتصاد أثره الأكبر في ترسيخ السياسات التي تعتمد بدورها على مشاريع هيمنة عسكرة للقوى الساعية للسيطرة، فقزون هو بحر الثروات بعد منطقة الشرق الاوسط، ومن يغنم به لن يحصل على البترول وحده، بل سيكون المهيمن على تجارة القوقاز بكتلها البشرية الكثيفة والمتنوعة ثقافيا وعرقيا ودينيا.

سعت الولايات المتحدة لمشاركة الروس في الاستفادة من النفط والغاز لهذه المنطقة من خلال تنفيذ مشروع استجرار نفط أذربيجان عبر جورجيا لميناء جيهان التركي، بينما سعى الاوربيون لاستجرار الغاز عبر جورجيا لرومانيا ومنها لدول الاتحاد الأوروبي. مستعينين بالوضع الاقتصادي الروسي المتدهور، وانشغال الكرملين بأزمات الشيشان المتوالية وملف حقوق الإنسان السيئ الصيت والأثر.

ومما عزز من قرارهم الحالي، وجود حكومات قوقازية راغبة بالانفتاح الاقتصادي، في ظل تحكم الغرب بالمشاريع الاستثمارية، وعجز الروس عن ذلك.

فكان مشروع تقسيم يوغسلافيا، والتبني الأميركي لاستقلال كوسوفو، وصولا لتعزيز العلاقات الأميركية مع جورجيا، وتذكية النزاع الآذاري-الأرميني، والاستثمار الأميركي الإسرائيلي المفرط في أوزبكستان وقرقيزيا. كل هذه الأمور تمت وبوتن وشركائه يحتجون ويتوعدون دون جدوى.

لقد استطاع الاميركي تطويق روسيا من كل الاطراف، من خلال زرع سياسات استثمارية اقتصادية للروس مقابل تعزيزات استثمارية وعسكرية للأميركيين في دول الجوار الروسي ركيزتها الاساسية حلف الناتو، كي لا يظهر الصراع على قزوين صراعا اميركيا-روسيا بشكل واضح.

استمر الاميركيون في مشروعهم دون رادع حتى حرب تموز التي غيرت من معادلة صناع القرار في البيت الابيض. فربيب ايران حزب الله لم ينهار كخطوة أولى نحو انهيار النظام الايراني، وبدورهم الروس وجدوا لاعبا اقليميا يدعى ايران قادر على ازعاج الاميركيين في استثمارهم الأكبر “مشروع الشرق الاوسط الكبير”. فبادروا بالإعلان عن الرغبة في انشاء خط نفطي ايراني-روسي بين بحر قزوين والخليج العربي عبر الاراضي الإيرانية، في مسعى منهم لتقليص كلفة نقل النفط القزويني وافشال مشروعي اميركا واوروبا اقتصاديا، أما في الشأن العسكري لم يتهاون الروس عن دعم البرنامج النووي الايراني في تركيز منهم على الاحقية السلمية في الاستعمال.

وما لبثوا أن ردوا على التحرك الجورجي “المدعم اميركيا، لهدف احراج الروس وانتزاع تنازلات جديدة منهم” بصيغة حاسمة داعمين استقلال الإقليمين الجورجين الضعيفين مع تعهد من ثوار هذين الإقليمين بضرورة وجود قواعد عسكرية روسية فيهما.

ورغم الانتقاد الاميركي المدعم اوروبيا وامميا للتوجه الروسي في جورجيا، اقدم الروس على مشروعهم، في قرار مصيري غير قابل للنقاش، فخسارة جورجيا بالنسبة لروسيا عسكريا، هي كخسارة الثقافة الروسية لمتحف الارمتاج الذي لا غنى عنه روسيا.

ماذا بعد انتصار الروس:

تابع الأميركيون عن كثب النصر الروسي على الدولة الضعيفة، والساعية زحفا نحو النجدة الأميركية، فمارس الأميركيون سياسة المحنك روزفلت اثناء الحرب العالمية الثانية، لكن الفرق بين الأنموذجين أن الجورجيون والروس هم أصلا من أصول سلافية ويرتبطون فيما بينهم بقرابات وأعراف شديدة الأثر. ومع ذلك تجاهل الاميركيون هذه الروابط وأدرجوا اتفاقا امنيا بينهم وبين الجورجيون.

ولعل الجورجين بعد مرور الانبوب النفطي في أراضيهم باتوا اشد تأكدا في حاجة الأميركيين لاستمرار نظامهم، فمن جورجيا ستنتطق مستقبلا المحطات والجرائد الناقدة لنظام الكرملين وباللغة الروسية، وخاصة تلك الداعمة لاستقلال الشيشان والحركة الجهادية الارهابية منها، أو تلك المعنية بفضح الانتهاكات الروسية لحقوق الإنسان، كما أن بطاريات الصواريخ الاميركية ستجد مكانا قريبا من الكرملين عبر زرعها في الاراضي الجورجية.

أدوات روسيا في حربها الباردة الجديدة:

يدرك الروس حجمهم الفعلي، إلا أنهم يسعون جاهدون لأن تكون روسيا الدولة الفاعلة اقتصاديا بعد عدة سنوات بين الدول الخمسة الكبار. إلا ان مفاتيح الاقتصاد الحقيقي هي بيد الأميركيين وشركاتهم العملاقة. لكن الاميركين على الرغم من اقتصاد دولتهم الضخم، لكنهم دولة ذات مديونية عالية بعد الانفاق الحربي الكبير لها، كما أن الاقتصاد الداخلي الاميركي ونتيجة أزمة العقارات يتهدد يوميا بكوارث في اسواق الاسهم التي تؤرق المواطن الاميركي الغير مهتم بالسياسة الدولية.

ايران ايضا لاعب مزعج للولايات المتحدة وشركائها في منطقة الاستثمار النفطي الأول في العالم، وأي تهديد لايران نرى مقابله تعنت قوي اللهجة من قبل ادارة المحافظين في طهران.

ولعل أكبر حلفاء روسيا حاليا من دول الاقتصاد المؤثر هم فنزويلا وايران والبترول الروسي الكبير، الذين بتكتلهم في القرار يؤخرون أي تهديد قد تسببه الولايات المتحدة من خلال نفوذها على منظمة الأوبك والأوابك، عبر آليات التحكم بسعر البرميل النفطي الخام.

نظام طالبان ايضا ربما يكون شريك الروس القادم، فهو الشريك الذي سيقوض مشروع انابيب الغاز الأميركية الرابطة بين قزوين وجنوب شرقي آسيا، مرورا بأفغانستان الشمال.

أدوات الولايات المتحدة:

بعد حرب تموز الأخيرة تركت الولايات المتحدة أمر حزب الله بيد الاسرائيلين والاستخبارات الاميركية والموساد، من خلال تعزيز البنية الاستخبارتية لتقويض فاعلية القادة الميدانيين للحزب، بالاضافة لزيادة فاعلية قوات اليونفيل المنتشرة حتى منطقة جنوبي الليطاني، ولعل حوادث اغتيال مغنية والعنصر الامني الهام في سوري من آل سليمان يبينان نفاذ الاستخبارات الغربية في الدولة السورية الشريكة مع النظام الايراني في تسليح حزب الله والدعم السياسي لحركة حماس الفلسطينية. ورغم عمليات التصفية للقيادات داخل الاراضي السورية، يسعى الاميركيون لتطمين السوريون بطرق غير مباشرة لامكانية تحقيق سلام عبر الوسيط التركي.

في حين تحول دعم حزب العمال الكردستاني ككتلة متماسكة ضد الأتراك، نحو تعزيز الانقسامات داخله، في مسعى لتعزيز الفريق المقاوم على الجبهة الكردية الشرقية /إيران/، بالاضافة تعزيز قضية العرب للاحوازين إعلاميا، وتطمينات متنامية لجماعة مجاهدي خلق الساعية لتوفير بنية استخبارتية عالية من خلال نشطائها السريين في الأراضي الإيرانية.

ورغم كل العرقلات تجاه الاتفاق الأمني العراقي الأميركي، تسعى كوندليزا رايس لتمرير هذا القرار، كي يكون القرار الأميركي قرارا دائما على ارض الرافدين، لا يعرقله توجيه ضربة قاصمة للنظام الملالة الإيراني، وتبعات هكذا ضربة. فالبترول العراقي من القسم الشمالي “نفط الموصل وكركوك” يمرر عبر أنابيب نحو تركيا وميناء جيهان التركي أيضا. فلو عرقل الإيرانيون النفط من مضيق هرمز، الأميركيون سيجدون بديلا مؤقتا من شمال العراق وأذربيجان. وهم يروجون حاليا للخطر الإيراني، خاصة مع البرنامج النووي الإيراني، ولن نستبعد اقدام الاميركين في وقت قريب على انتهاك مفاجئ للاجواء الايرانية وقصف مباغت من صواريخ البوارج الحربية الاميركية للمواقع النووي الايرانية، ورغم التهديدات الايرانية باحراق منطقة مضيق هرمز وضرب المصالح الاميركية في الخليج العربي /آبار النفط/، ستكون مبادرة الايرانية كلامية أكثر منها فعلية، خاصة مع امكانية تعزيز الطلعات الجوية الاميركية بشكل مباشر، على القطاعات العسكرية الايرانية.

صفقات الكبار:

لن نستغرب تفاوض الروس والاميركين على ملف ايران، وفق خيارين حسب نفوذ كل دولة:

1- الخيار بيد الروس:

ويعتمد على تعليق مشروع أذربيجان-جيهان عدة اعوام، على ان تتوقف ادارة الكرملين عن دعم النظام الايراني، وتلغي مشروع نشر قواعد بحرية لها أمام ميناء طرطوس البحري السوري. لتكون المنطقة الشرق اوسطية بيد اميركية مطلقة وقزوين بيد ذات اصابع روسية طويلة الأثر.

مآخذ الاميركين على هذا الخيار:

المؤسسة السياسية الاميركية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالشركات العملاقة ومصالحها، ومن الصعوبة التزام الولايات المتحدة بتجميد عمل انبوب أذربيجان-جيهان مراضاه للمؤسسة السياسية الروسية على حساب شركات النفط الاميركية والجهات المسوقة لها. خاصة وأن حروب الطاقة باتت عنوانا للسياسة الاميركية الخارجية تحت ما يسمى مكافحة الارهاب، ونتيجة للتخوفات الحقيقة من نضوب الثروة النفطية في المسوحات السيزمية الاخيرة لمنطقة الخليج العربي “خلال خمسين عاما قادما”.

مما قد يؤسس لسياسة اميركية جديدة عنوانها، استخدام كل الأدوات المضيقة على الروس، وبمقدمتها العزلة الاقتصادية نتيجة تعديها على دولة ستكون فاعلة في حلف شمالي الاطلسي اسمها جورجيا. لاجبار الروس اعتماد الخيار الاميركي.

2- الخيار الأميركي:

ويعتمد على الاستمرار بمشروعي النفط والغاز بين شرقي القوقاز وغربه وصولا لميناء جيهان التركي غربا، وجنوب شرقي اسيا شرقا. مع مراضاة الروس باستثمارات معقولة من حقول قزوين، على أن يتخلى الفريق الروسي عن دعم الفريق الايراني، لاستئثار الأميركيين بمنطقة الشرق الاوسط.

مآخذ الروس على هذا الخيار:

ماتزال مدرسة بوتن الفاعل الرئيسي في صناعة القرار رغم انتهاء فترة رآسته، وقد سخرت هذه المدرسة التي عمادها المؤسسة العسكرية طاقاتها كافة للتركيز الاعلامي على امكانية عودة المجد للروس رغم الوضع الاقتصادي المتردي، والخسائر الجيو-سياسية في المحيط القوقازي السلافي. ولعل نفاذ الخيار الاميركي سيؤدي لكسر هيبة الدولة والجيش الروسي، كما سيحرمهما من سيولة مادية ضخمة عمادها تجارة الطاقة، التي تسعى الولايات المتحدة لاحتكارها عالميا، لذا فالصوت الروسي سيعلى معززا وجوده الجيو-سياسي وإن تحملت خزينة الدولة مديونية أعلى، لهدف تكريس أهمية خيارها سالف الذكر.

ايران الخاسر الأكبر:

في كلا الخيارين نرى ايران حجر النرد الذي يتدافعه الطرفان الأقوى في العالم، والمشكلة أن إيران قوة مقبولة لكنها لم ترقى لأن تكون قوى اقليمية نافذة، وهذا امر يدركه الطرفان الروسي والاميركي، ويسعيان معا لتحقيقه، فالاميركيون المسيطرين على ثروات الشرق الاوسط لا يرغبون بوجود شريك اقليمي يحاصصهم مستقبلا على بعض الغنائم، كما ان عيونهم جاحظة لآبار الجنوب الايرانية الوافرة.

في حين يتعامل الروس مع الفريق الايراني كسوق استثماري جيد لهم، وخاصة في جانب السلاح، على أن لا يتطور ليكون قوة نووية فاعلة بعباءة دينية شيعية سلفية، فروسيا أكثر الدول المتضررة من الحركات السلفية المجاورة لاراضيها.

يدرك الايرانيون هذا الواقع لكنهم يتعاملون وفق سياسة فن الممكن، ودائما حتى الرمق الاخير، حيث ركزوا على العمل الدبلوماسي سعيا منهم لكسب الوقت، وعززوا حركة حماس بتمويلات جيدة، وزودوا حزب الله بترسانة صواريخ حديثة، استخدم بعضها في حرب تموز، وأثبت بعضها فاعلية ممتازة خلال المعارك، كما عززوا من بنية الاستثمار الايراني داخل الاراضي السورية، ودعموا الحركات الشيعية في العراق، في مسعى منهم لابراز دورهم كلاعب اقليمي مميز وشريكا جديرا لاحد الطرفيين. ةرغم كل ذلك تبقى ايران لاعب هام لكن ضعيف في فنون هيمنة العسكرة التي تزاولها الدول الكبرى.

sibaradmin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *