اليمين يهيمن على الشرق

اليمين يهيمن على الشرق
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81 Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81

issam3

بقلم: عصام خوري
منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية

الكثير من الاحزاب والقيادات العربية سوقت نفسها امام الجمهور العربي على انها تحترف قضايا المقاومة والممانعة، ولكنها لم تكن الا دمى في ايدي القوى الدولية التي كانت توهمها في بعض الاحيان انها مهمة والحقيقية لم تكن يوما ولن تكون الا موظفا مخلصا لمن وضعها في السلطة.

يقول فاروق الشرع في كتابه الجديد “الرواية المفقوده”: ((عرض الخميني على حافظ الاسد إرسال مائة ألف مقاتل إلى لبنان ، والذي لم ينتج عنه بعد فترةٍ غير دخول أعداد محدودة من الحرس الثوري الإيراني، لدعم عملية إخراج القوات متعددة الجنسيات من لبنان.

واختار الأسد عدم قبول عرض الخميني، كي يشير إلى حدود الموقف السوري من إيران، وعدم موافقة سورية على خلخلة النسيج اللبناني بهذه الأعداد الكبيرة من مقاتلي الحرس الثوري الذين كانوا سيأتون إلى لبنان ومعهم أكفانهم”)).

أي ان الخميني “مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية” كان يطمح منذ وصوله للسلطة بدور ما في لبنان، مستغلا الوجود الشيعي في الجنوب.  ففي عام 1979 انتصرت الثورة الاسلامية في ايران وتم نقل الخميني من المنفى بطائرة فرنسية الى الاراضي الايرانية، وبعد عام فقط أي 1980دخلت ايران بحرب لمدة ثماني سنوات مع العراق.

فعليا تخلت واشنطن عن دعم الشاه نتيجة تنامي النفوذ الروسي في افغانستان ففي عام 1978 وقعت موسكو معاهدة صداقة وتعاون ثنائية مع أفغانستان تسمح بالتدخل السوفييتي في حال طلب أفغانستان، وفي عام 1979 احتل السوفيت افغانستان، وهنا استشعر الاميركيين الخوف من تنامي السوفيت بظل الحرب الباردة، وكان مفيدا لهم ضرب القوى الايرانية اليسارية التي ساهمت مع الاسلاميين واللبرالين بطرد الشاه، وهذا لن يتم الا عبر دعم التيار الديني فكان الخيار الغربي على “الخميني” الذي دعم الى جانب السعوديين مجمل القبائل التي حاربت السوفيت في افغانستان، ورغم تطرف النظام الطالباني السني في افغانستان الا ان حدود ايران الطويلة مع افغانستان لم تشهد أي اشتباك، كما ان ابناء اسامة بن لادن لجؤوا للاراضي الايرانية برعاية من السلطات الايرانية نفسها مما يقدم انطباعا واضحا ان تنظيم القاعدة لا يعداي نظام ولاية الفقيه، بينما نراه قد نفذ عدة عمليات في السعودية واليمن الدولتين ذات الحكم الاسلامي السني!!…

فعليا لم يكتف الخميني وخلفائه بالمهمة الافغانية بل سعوا لان يوسعوا من مهماتهم غربا في قناعة راسخة منهم ان توسيع خدماتهم سيدفع الغرب لعدم التخلي عنهم.

عام 1976 دخلت قوات الردع السورية للبنان، وحصل دستور الطائف بتاريخ 1989 الذي فوض سوريا السيطرة الكاملة على لبنان الطرف الوحيد الذي عارض هذه الفكرة كان المسيحيين بقيادة الجنرال عون المدعوم من قبل صدام حسين عسكريا آنذاك، ولكن السوريين انتصروا عليه عام 1990 وطردوه من قصر بعبدا ليلتجأ للسفارة الفرنسية وغادر بعدها لبنان نحو فرنسا بتاريخ آب 1991.

فعليا حورب عون من قبل طرف مسيحي آخر بتوافق مع السوريين وهذا الطرف كان الجنرال سمير جعجع.

هذا الجنرال هو ذاته الذي حارب التنظيمات الفلسطينية عام 1976 كقيادي تحت امرة الرئيس بشير الجميل وبتنسيق مع الطرف الاسرائيلي، وفي عام 1986 اصبح زعيما للقوات اللبنانية  بعد الاطاحة بالجنرال حبيقة.

ثم اصطدم مع الجيش اللبناني المقاد من قبل الجنرال عون ضمن حرب سميت “حرب الالغاء” وهو امر افرح السوريين لانه يخدم استراتجيتهم، وبعد سيطرة السوريين على لبنان سلم سلاح “حزب القوات” للجيش اللبناني وقسم آخر من السلاح ارجع للاحزاب المسيحية الاوروبية التي دعمته، طبعا السوريين ادركوا انهم لن يحتاجو سمير جعجع فقاموا باتهامه بتفجير كنيسة سيدة النجاة في كسروان، واعتقلوه عام 1994 وسيق بحقه عدة اتهامات.

خلق مليشيا حزب الله:

ان ايجاد الجمهورية الاسلامية الايرانية “كثورة اسلامية دينية في المنطقة” جاء لهدف وقف التمدد الشيوعي في الشرق الاوسط، ولكن الاميركيين لم يريدوا لهذه الثورة ان تهيمن خاصة وانها تمتلك موارد مالية ضخمة، فانهلكوها بحرب طويلة مع العراق الثري مستنزفين موارد نفط ايران والعراق معا لشراء السلاح في حرب عبثية لم يستفيد أي طرف منها. ورغم ادعاء ايران والعراق انهما يدعمان القضية الفلسطينية كي يستقطبا الشارع العربي، الا ان مجمل مساعداتهما لمنظمة التحرير كانت محدودة ولا تحدث اثرا فارقا في معادلة التوازن الفلسطيني الاسرائيلي، انما ينتج عنها تجيش شارعي يبرر عسكرة مجتمعي كلتا الجمهورتيت الديكتاتوريتين.

طبعا المطلب الاميركي والاسرائلي المشترك كان همه الاول والاخير هو القضاء على التنظيمات الفلسطينية المدعومة من الكتل الاشتراكية “منظمة التحرير الفلسطينية”، وهذا ما دفع السوريين “حلفاء ايران ضمن الحرب العراقية-الايرانية” للقيام بمجازر “تل الزعتر” واتباعها بنفي “ياسر عرفات” نحو تونس. ولضمان عدم ملأ الفراغ في الجنوب اللبناني بتنظيمات يسارية نشطة في الجنوب اللبناني، جاء طلب الخميني من الاسد بضرورة ادخال قوات الحرس الثوري كما وضح فاروق الشرع في كتابه “الرواية المفقودة”وبدأ الشروع بتأسس حزب الله في لبنان عام 1982 وليستقطب هذا الحزب الوليد جمهورا كان ضروريا ان ينفذ عمليات ضخمة واهم عملية كانت استهداف السفارتين الفرنسية والاميركية عام 1983وعبر هذه العمليتين بدأ باستقطاب المقاتلين وتحسين صورته ضد معارضي اسرائيل و”الامبريالية العالمية”، وفي عام 1985 اصدر الحزب بيانا اعلن فيه الولاء “لولاية الفقيه: في اشارة واضحة ان ولاء الحزب لايران وليس للبنان”.

طبعا لينجح المشروع الاسرائيلي-الايراني في جنوب لبنان كان ضروريا اسكات كل الاطراف اللبنانية وتحيدهم عن الجنوب، ففوض الاسد بان يقضي على كل القوى اللبنانية وهذا هو ما نجزه عام 1990، بعد اعلان دستور الطائف عام 1989، طبعا من شروط “دستور الطائف” نزع الاسلحة من المليشيات والاحزاب اللبنانية، وهذا الامر فرض على كل الاحزاب باستثناء “حزب الله، حركة امل” وكانت الحجة ان الحزبين يمثلان ظاهرة “مقاومة ضد اسرائيل” وكي ندرك كذب هذه المقولة على الارض علينا التمعن بحجم المقاومة ضد اسرائيل.

خسائر اسرائيل في لبنان كانت فقط 1200قتيل خلال 18عام أي بمعدل 5قتلى في الشهر الواحد، واغلب القتلى عندها كان في بداية معاركها مع الفلسطينيين، ثم كان عبر العمليات الاستشهادية التي بداها الشيوعيين والفلسطينين والقوميين الاجتماعيين، ثم جاء دور المقاتلين الاسلاميين الشيعة، واول انسحاب لهم من لبنان كان عام 1985وحاول حزب الله تسويق ان مقاوته كانت هي فقط من طرد الاسرائيليين من الجنوب اللبناني مستندا لتصويره للعمليات وابرز تلك العمليات كانت معركة الانصارية عام 1997 التي قتل فيها 16 جندي اسرائيلي دفعة واحدة.

انهيار دولة بن غوريون:

طبعا في عرف المعارك خسارة جيش لخمس عناصر في الشهر الواحد هي خسارة لا تذكر ولا تستوجب انسحاب، ولكن الخطة الاسرائيلية كان هدفها الاول والاخير هي تنمية الظاهرة الاصولية الشيعية على حدودها الشمالية، خاصة وان فكرة الانسحاب من الارض اللبنانية ستزيد من شعبية حزب الله وبالتالي ستؤدي لزيادة الوجود الديني الشيعي الموالي لولاية الفقيه، وهو ذات الامر الذي انتهجته مع حركات المقاومة الاسلامية السنية “حماس والجهاد” المدعومتين من ولاية الفقيه، فمع تنامي دور حزب الله في لبنان كان هناك تنماي لحماس على حساب منظمة التحرير الفلسطينية “التيار المعتدل المقرب لليسار”.

وان تمعنا حاليا بالخطاب الاسرائيلي الذي امتاز دائما بضرورة “علمانية الدولة الاسرائيلية” نراه اليوم قد بدأ بمرحلة الترويج والمطالبة “بيهودية الدولة الاسرائيلية” طبعا هذا الاعلان يتعارض مع مقولة مؤسس الدولة الاسرائيلية ديفيد بن غوريون عندما قال: ((عندما تتحول دولة اسرائيل الى دوله دينيه اصوليه تنهي وتنهار)).

ولكنه يأتي كنتيجة لسيطرة اليمين المتطرف الاسرائيلي على الحكم واقصائه لليسار المتمثل بحزب العمل.

طبعا نجحت اسرائيل بايجاد دول دينية هزيلة تعارضها على حدودها “دولة حماس، دولة حزب الله، دولة المليشيات الاسلامية السنية في الجولان” ولكن مطلب اسرائيل ان تكون تلك الدول ضعيفة السلاح او يكون سلاحها موجه لداخل تلك البلدان وليس لاسرائيل، وهذا امر نفذه النظام السوري بشكل واضح خلال عام 2011  مما اطال من عمره، خاصة وان النظام السوري عبر افعاله الاجرامية خلال اربع سنوات استطاع خلق مجتمع طائفي صرف في سوريا، وهذا المجتمع لا يخيف دولة اسرائيل اليهودية اطلاقا، لانه يفرز قوى طائفية ضعيفة ومحتاجه للمساعدة الدائمة من قوى طائفية اقوى منها كما حصل تماما مع المسيحيين في لبنان زمان بشير الجميل الذين استعانوا باسرائيل، وهو امر بات مطلب بعض سنة سوريا الذين يفضلون اسرائيل على حكم آل الاسد.

من هنا ندرك ان اسرائيل غير متخوفه من حماس او حزب الله او الجهاد الاسلامي او حتى القاعدة لان وجود هؤلاء الجيران هو المبرر المنطقي لولادة الدولة الدينية الاسرائلية.

الا ان الخط الاحمر الذي لن ترضى به اسرائيل هو ان يمتلك حزب الله اسلحة اكبر من مسؤليات حجمه “صواريخ بعيدة المدى، اسلحة كيمائية” فهو في النهاية حزب وليس دولة تخضع لاتفاقيات دولية، طبعا هذا الامر دفع الجيش الاسرائيلي لقصف عدة مواقع ومخازن اسلحة في الاراضي السورية بعد تأكده ان هذه المواقع تخضع بشكل ما لنفوذ مقاتلي حزب الله، كما ان قوة حزب الله بعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان والرعاية الايرانية-السورية للحزب جعلته قويا ومنضبطا ومن الصعب اختراقه وهو امر لن ترضى به اسرائيل، لذا من الضروري ان تستثمر اسرائيل الخلاف الشيعي-السني في محاولة اضعاف هذا الحزب مع ضمان استمرار وجوده على حدودها بسلطة دينية تحفظ حسن الجوار.

احياء طقوس الامبراطورية العثمانية:

امام تنامي القوة الشيعية عبر ولاية الفقيه، كان من الضروري اقليميا ايجاد قوة طائفية تستقطب الشارع السني

المغزى بالثقافة القومية العروبية، ولفك الرابط العروبي-السني كان من الضروري ابراز عورات الانظمة العسكرية والملكية للشارع العربي وايجاد بديل سني غير عربي.

هذا الدور نجح مع حزب العدالة والتنمية الذين ادعى دعمه لحماس في غزة ضد اسرائيل من مبدأ ديني ولتيار المستقبل في لبنان ولسنة سوريا ضد نظام الاسد المدعوم من المعسكر الشيعي، وبدأ بخدمات اغاثية في الصومال ووسع من قاعدة اتصالاته لتصل الى افغانستان وباكستان، وبدأت تركيا بتحويل نهجها العلماني المدعوم من المحكمة الدستورية العليا والجيش التركي منذ عام 1923، الى دولة تشجع الحياة الدينية في الدولة وفي مؤسسات الدولة وحتى في الجيش، واصبحت مؤسستي الحكم رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء لاول مرة بتاريخ تركيا العلمانية بيد حزب ديني عام 2014.

وبدأت طقوس الحكم العلماني بالتبدل، فاستبدل زي المراسيم للشخصيات الهامة من الزيين العسكري والاوروبي الى ازياء تمثل ادوار الحقبات العثمانية في مسعى من قيادة الحكم لاعلاء الشعور القومي الديني الذي كان راسخا زمان الامبراطورية العثمانية.

طبعا قد يسخر البعض من هكذا افعال، ولكن ساسة انقرة يسعون لفرض هذا الشكل من اجل اعادة ذاكرة صلتهم مع مستعمراتهم السابقة، وليس هذا وحسب بل نراهم ثابتي الرأي تجاه الاحزاب الدينية المرتبطة معهم مثل الاخوان المسلمين في مصر، ورغم دعم السعودية لحكومة السيسي الا انهم زاروا المملكة العربية السعودية باعلى وفد دبلوماسي “رئيس الجمهورية التركية” ليعزوا الحكومة السعودية الجديدة بوفاة الملك عبد الله، وايضا ليبدوا دعمهم للملك سليمان بن عبد العزيز في مسعى منهم لتوحيد الافرقاء السنة “الاخوان المسلمين، السلفيين” ضمن تكتل واحد يجابه التمدد الشيعي في المنطقة خاصة بعد هيمنة الحوثيين على اليمن وهيمنة حزب الله وايران على مؤسسة الحكم في سوريا وسيطرة الحرس الثوري الايراني على قادة بغداد.

من هذا الوصف الموجز نرى مفاعيل التطرف الديني في الشرق الاوسط بمرحلة استعار وهذا يدعم اليمين الاسرائيلي ويعزز قوته لسنوات قادمة، حيث بات حزب كاديما اليميني هو ممثل اليسار الاسرائيلي بدل حزب العمل، واسماعيل هنية اهم من محمود عباس، وحسن نصر الله اهم من موقع رئاسة الجمهورية الشاغر بانتظار انتهار الملف السوري، وزهران علوش اهم من قادة الاتلاف الوطني السوري المعترف بهم من قبل مجموعة اصدقاء سوريا…

sibaradmin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *