تنظيم الشوارع في المدن

تنظيم الشوارع في المدن
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81 Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81

planning_cityبقلم:  حواس محمود

تعتبر الشوارع مكونا أساسيا وشريانا حيويا للمدينة، وناظما مهما وبوصلة للحركة السكانية والفيزيائية في المدينة، ويمكن القول إنَ تخطيط الشوارع من أهم الأمور التي يجب أن تحظى باهتمام واضعي المخططات العمرانية ويكفي القول أن الدراسات في الاتحاد السوفياتي السابق أثبتت أن 70% من حوادث السير يعود سببه إلى سوء تخطيط الطر ق والشوارع ( رؤية سيئة، تقاطعات عديدة، تغييرات مفاجئة في الاتجاه، شوارع ضيقة، منعطفات غير نظامية ..الخ )، وأشار باحث فرنسي إلى أنَ النسبة المذكورة آنفا هي 80%. لقد كانت المدينة شكلا ومضمونا انعكاسا واضحا لتطور النقل ووسائطه، وبالتالي فإن شبكة المواصلات كانت تتلاءم وتطور ونوعية هذه الوسائط، فالمدينة المصرية القديمة بمواكبها الهامة خصصت أمام معابدها ممرات مستقيمة محددة الأبعاد لاستيعاب هذه المواكب، وهكذا تكونت مخططات هذه المدن انطلاقا من هذا الطريق  المتجه شمالا وجنوبا وأخذت المدينة الشكل الشطرنجي، وفي المدن الرومانية ولضرورات الحركة السريعة  كان لا بدَ من تنفيذ شوارع مستقيمة ذات ميول محدودة بعرض كاف لمرور العربات السريعة  بالاتجاهين، ولتجنب الأخطار التي يتعرض لها المشاة كان لا بد من فصل حركة العربات عن حركة المشاة في الشارع، فكانت الأرصفة المغطاة بالأروقة تشيد على امتداد الشوارع الرئيسية، لقد نفذت الشوارع وطرق المواصلات في تلك المرحلة التاريخية بشكل ممتاز ولا زالت أجزاء منها موجودة حتى وقتنا الحاضر.

وفي المرحلة الإقطاعية في أوروبا الغربية عندما تقوقعت المدينة على نفسها وأصبحت قرية مسوَرة ذات اكتفاء ذاتي واختفت عناصر الحركة والاتصال السريعين فيها وتحولت طرق هذه المدينة إلى أزقة وحواري ضيقة، لم يزد عرضها في بعض الأحيان عن 70سنتمترا إلى أن كان عصر النهضة واكتشاف التجارة والتطور في الصناعة الذي فتح الآفاق من جديد أمام مسافات بعيدة المدى بين المدن في البلد الواحد أو مع الخارج، فكان لا بد من تطور شرايين المواصلات لتواكب هذا التطور وتستوعب التطور التقني الذي حققته وسائط النقل التي كانت تزداد سرعتها باستمرار، وهكذا أصبحت المدينة بحاجة إلى ممرات لخطوط السكك الحديدية أولا والسيارات فيما بعد، وبدأت تتهاوى أبنية لتحل محلها ساحات تنتصب عليها شوارع تزداد عرضا باستمرار، وأصبحت شرايين المواصلات تشغل مساحات متزايدة في المدينة تصل إلى 40% من كامل مساحتها، إنَ الهجرة من الريف إلى المدينة التي أدت إلى تطور سريع لسكانها جعلت مشكلة المواصلات معقدة خصوصا وأنَ  تطور شبكة المواصلات وتنوعها لم يتم بشكل مراقب ومخطط ومبرمج وإنما لتلبية مصالح الفئات الرأسمالية، لذلك كان هذا التطور عشوائيا فالنقل الثقيل يعبر المناطق السكنية وتتقاطع خطوط السكك الحديدية مع طرق السيارات بنفس المستوى، كما أنَ الحوادث كانت تزداد باستمرار خصوصا وأنَ زوايا الرؤيا لم تكن تتلاءم وازدياد سرعة وسائط النقل وتطور أعدادها، ونتيجة لتجاوز عدد السكان في المدن الصناعية  الملايين بعد الهجرة من الريف إلى المدينة في بلدان العالم الرأسمالي، ونتيجة للتطور الصناعي الكبير ازداد عدد وسائط النقل الخاصة في المدن ووصل أحيانا إلى 500 سيارة لكل 1000 من السكان، ولقد أدى هذا العدد إلى قطع التوازن بين ما هو مخصص لوسائط النقل الخاصة ووسائط النقل المشتركة وازداد التعقيد في شبكة المواصلات في المدن، وتطلب تخصيص مساحات لشوارع كبيرة جدا لتكفي هذا السيل المتزايد من السيارات خصوصا وأنَ النقل الخاص يتطلب مساحات شوارع تزيد ب ( 20 ) مرة عن المساحات اللازمة للنقل المشترك وهذه تحتاج بدورها إلى مساحات وتعادل المساحات اللازمة للمشاة.

مشكلة المواصلات في المدن:

لمعالجة وحل مشكلة المواصلات في المدن ينبغي تطبيق أحد الأساليب الثلاثة التالية:

1- السماح للطرق السريعة ” الأوتوسترادات ” أن تخترق المدن فتتابع مسيرتها حتى خارج المدينة.

2- إيجاد حلقة أو حلقات  من الطرق السريعة ” الأوتوسترادات ” حول أو ضمن المدينة وحسب أهميتها تتصل بمستويات مختلفة مع شبكة الواصلات العامة.

3- إيجاد حلقة للحركة السريعة تحيط بالمركز التقليدي للمدن، وعلى صلة بشوارع الحركة الرئيسية المتجهة من المركز نحو المحيط على أن يخصص مركز المدينة لحركة المشاة فقط وأحيانا وحسب واقع المدينة وأهميتها نستطيع الاستفادة من أسلوب أو أكثر لإيجاد الحلول اللازمة لمشكلة المواصلات في المدينة، هذا ويمكن القول أنَ الحل الأنجع لمشاكل المواصلات في المدن يتمثل في تصنيف السير ومنع الاختلاط لوسائط النقل الثقيل مع عناصر الحركة السريعة أو النقل المشترك، كما أن فصل حركة المشاة عن حركة السيارات وتخفيف التقاطعات يساعد في حل المشكلة ، وأخيرا فإن توزيع الخدمات والمؤسسات وخاصة التجارية منها بشكل متوازن على مختلف عناصر منطقة السكن يعطينا مساهمة كبرى في حل مشاكل المواصلات في المدن.

تصنيف الشوارع:

تصنيف الشوارع حسب طبيعة استعمالها وحجم ونوع الحركة التي تمر بها وأهمية الصلات التي تتم بواسطتها، وكذلك نوعية وموقع المؤسسات التي تربط فيما بينها، ويتم تصنيف الشوارع ضمن المدينة كما يلي :

1- شوارع الحركة السريعة من الصنف رقم ( 1 )

2- شوارع الحركة السريعة من الصنف رقم ( 2 )

3- الشوارع الرئيسية

4- الشوارع الثانوية

5- شوارع الخدمة المحلية

6- ممرات السيارات

ويمكن أن نضيف إلى ما سبق ذكره الشوارع ذات الاستعمالات الخاصة، وتختلف هذه الشوارع عن بعضها العرضانية والطولانية وبمخططاتها، فكلما كان الشارع أكثر أهمية كلما كان عرضه وعدد خطوط السير فيه كبيراً وتكون ميوله ضعيفة، وأنصاف أقطار منحنياته كبيرة ، لذلك تصمم شوارع الحركة السريعة من الصنف ( 1 ) لتحتوي  على ما بين أربعة إلى ستة خطوط سير في كل اتجاه كما هو الحال في حلقات السير الرئيسية في المدن، وكذلك شوارع  الاختراق السريعة أو تلك التي تكون على امتداد الأوتوسترادات الرئيسية الخارجية ، أما شوارع الحركة السريعة من الصنف ( 2 ) فتحتوي ما بين أربعة إلى ستة خطوط سير في كل اتجاه، وتكون على صلة بالأوتوسترادات الثانوية خارج المدينة ويمكن لهذين النوعين أن يستوعبا خطوطاً للحافلات الكهربائية في موقع متوسط يفصل بين اتجاهي حركة السيارات، ويتم نقل الركاب من وإلى الأرصفة بممرات لمشاة فوق أو تحت الأرض.

أما الشوارع الرئيسية، فهي التي تجمع وتوزع الحركة في المدينة إلى النوعين السابقين من الشوارع كما تقوم بتوزيع الحركة على العناصر الرئيسية في المدينة، وقد تكون الحركة حرة فيها بالاتجاهين كما يمكنها أن تستوعب وسائط النقل المشترك من نوع الأوتوبيس والتروليبوس شريطة أن يخصص لهما خط سير خاص على أطراف هذه الشوارع ليسمح بإنزال وصعود الركاب من الأرصفة مباشرة.

أما الشوارع الثانوية : فتخصص للنقل ضمن أحياء المدن وتحتوي على خطين حرين للحركة في كل  اتجاه  وتخصص هذه الشوارع للمواصلات الخاصة، وتتفرع عنها شوارع الخدمة المحلية وممرات السيارات التي تربط الأرصفة بمداخل الأبنية.

أما الشوارع ذات الاستعمالات الخاصة: فهي شوارع النزهة للسيارات والمشاة في آنٍ واحد تكون مسايرة لشواطئ البحار والممرات  أو مجاري الأنهار أو تلك التي تحيط بالمدن من علي لتؤمن الإشراف إضافة إلى تلك الشوارع التي تؤدي إلى  أبنية ذات قيمة فنية أو تاريخية، ويتوسط هذه الشوارع عادة حدائق شريطية وتخصص الحركة فيها لنزهة المشاة، وفي المدن الموجودة وعندما لا تكون المقاطع العرضانية متكافئة للحركة بالاتجاهين فإننا نخصص شارعاً أو أكثر للحركة باتجاه وأخرى موازية لها للحركة بالاتجاه الآخر.

أشكال تنظيم منطقة المواصلات: يمكن تنظيم شبكات المواصلات في المدن بأسلوبين:

1- الشكل الطبيعي أو الحر الذي تفرضه الطبيعة  الطبوغرافية  للأرض. كما يمكن أن توضع العناصر الرئيسية في المدن أو تلجأ إلى شبكة مواصلات ذات طابع حر.

2- الأسلوب التنظيمي النمطي أو الهندسي في الأراضي السهلة إذ يكون شكل المخطط التنظيمي ذا طابع هندسي شطرنجي أو حلقي شعاعي، ويتأثر أسلوب تنظيم هذه المنطقة بالعوامل الاقتصادية  والمناخية  والصحية بالإضافة إلى أن شروط الحركة تتأثر بشكل خاص بالعوامل الطبوغرافية. وبشكل عام يتم اعتماد الأسلوب المختلط في دراسة مخططات المدن الكبرى لأن خصوصيات الأرض لا تكون متجانسة إضافة إلى ذلك فإن العناصر والمراكز الرئيسية والثانوية في المدينة تتطلب ربطا عضويا فيما بينها بأسلوب أو بآخر، مما يتطلب بشكل عام التنظيم بهذا الشكل أو ذاك، وتجدر الإشارة إلى أن براعة المخطط أو المنظم هي التي تتكيف في عملية الربط المثالي بين هذه الأشكال والأساليب المختلفة.

الشارع  المستقيم: تصمم الشوارع التي تربط المراكز ببعضها/ الشوارع الرئيسية/ والهامة بشكل مستقيم، إذ أنه يوفر الوقت والطاقة ويخفف مضار التلوث ويقوم باختصار المسافات المقطوعة إضافة إلى إمكانياته الكبرى في إبراز الأهمية والقيمة الفنية لبعض الصروح المعمارية أو المنشآت التذكارية، إلا أن المبالغة في استقامة الشارع تقود إلى الملل لذلك يتم اللجوء عادة إلى التغيير في المقطع العرضاني للشارع وعلى مسافات لا تتجاوز أطوالها عن 30 مرة إلى أربعين مرة عرض الشارع، وعندها وبتنظيم خاص للمساحات التي توجد نتيجة لذلك وبالمعالجة المعمارية المتميزة للأبنية المطلة على هذه الساحات، نكون قد حققنا التغيير المطلوب والمنظر المتغير باستمرار والحركة الديناميكية في الهيئة العامة للشارع ونكون قد أمنَا أيضا الخدمة اللازمة لوقوف السيارات.

دور المناخ والطقس في تصميم الشوارع:

يمكن أن يلعب المناخ دوره في تصميم الشوارع فمثلاً في المناطق الباردة تصمم الشوارع بعرض كبير لتأمين سقوط أشعة الشمس على شرفات أبنيتها ( البلاكين ) ونوافذها وأبوابها وحيطانها ، وفي المناطق الحارة تصمم الشوارع بعرض صغير لتأمين الظلال والحماية من حرارة الشمس العالية لكل الأبنية المتقابلة على طرفي الشارع

تقاطعات الشوارع : من المعروف أن الأسس العلمية لتخطيط المدن وهندسة الطرق لم تعد تجيز إيجاد تقاطعات رباعية ( تصالبات ) بين شارعين متعامدين على مستوى واحد، لما في ذلك من أخطاء لم تكن حاضرة في تفكير الناس عندما كانوا يستعملون العربات في عصور ما قبل السيارة، لذا فإنه لا بدمن التفكير بإيجاد التقاطعات التي توفر أقصى حد ممكن من الأمان، وتفيد الإحصائيات أن التقاطعات الثلاثية ( بشكل حرفT ) في الطرق المحلية والشوارع أكثر أمناً من التقاطعات المتصالبة، ويبلغ تواتر الحوادث في التقاطعات المتصالبة 14 ضعفاً عن عددها في التقاطعات الثلاثية ( بشكل حرف T)، وسواء أكانت التقاطعات ثلاثية أو رباعية فإن تأمين مجال الرؤية عند المنعطفات يلعب دوار كبيرا في التقليل من الحوادث، ويتطلب ذلك من معظم المدن إبعاد الأبنية وتصاوينها مسافة كافية.

وختاما فإن المقالة هذه كانت لمحة تاريخية سريعة عن تطور الشوارع والطرق، ووسائل حل مشكلة المواصلات وأنواع الشوارع، وهذه الأمور هامة جدا لمخطط المدن وللقارئ العادي لمعرفة دور وأهمية الشوارع في تنظيم المدينة وحركة السكان والمواصلات فيها، وسبل حماية السكان والسيارات من مخاطر الحوادث المؤسفة التي تحدث بشكل متواتر في أغلب المدن العربية، ولقد كان الدكتور أحمد الغفري على حق عندما قال بأن المهندس الإنشائي عندما يخطأ فإن خطأه البسيط يؤثر على سكان البناية فقط وبشكل مباشر، ولكن خطأ المهندس المنظم للمدينة كبير وغير مباشر يؤثر على حي كامل وشارع بأكمله ويؤدي إلى كوارث إنسانية ذي خسارة كبيرة جدا.

المراجع :

1- د. عمر وصفي ما رتيني – تخطيط المدن – جامعة حلب – كلية الهندسة قسم العمارة 1981 ص367 – 382

2- د . أحمد الغفري – تخطيط المدن – دمشق 1993 ص 163

3- د. أحمد الغفري ” التخطيط العمراني اختصاص عملي أم هواية ” مجلة المهندس العربي عدد 112 1993 ص 6

sibaradmin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *