ما هو لقب الملكات في أرض الاسلام؟
//باحثة وروائية مغربية//
لم تحمل أية امرأة مارست السلطة لقب خليفة أو إمام، هل يؤدي بنا ذلك إلى القول بأن النساء لم يكن قط على راس الدولة الاسلامية؟ وهل يمكن للقب وحده أن يكون مقياساً للإلغاء؟ إذا اعتمدنا لقب خليفة كمقياس للحكم، سنلغي أغلبية قادة الدولة الاسلامية لأن قلة منهم هي التي حملته فحسب. إنه لقب ثمين جداً يخص أقلية محدودة بما أنه يتضمن بعداً دينياً. وفي يومنا وكما هو الشأن في الماضي، يود العديد من قادة الدول الإسلامية حمل هذا اللقب، ولكن الذين لهم الحق فيه يشكلون استثناء.
لكي نفهم من هو الخليفة، يتوجب علينا فهم نقيضه وهو السلطان أو الملك
.
إن بؤس العالم الاسلامي والعنف السياسي السائد فيه، يعود في رأي ابن خلدون إلى أن الخلافة كرسالة إلهية خاصة بالاسلام، تحولت إلى ملك، أي إلى استبداد بدائي لا يعرف لنفسه حداً، ولا يخضع لقانون ما عدا أهواء الأمير.
تناقض الخلافة الملك بما أن الأمر يتعلق فيها بسلطة تخضع للشريعة الإلهية التي يخضع لها الحاكم ذاته، بحيث أنها تجعل رغباته الذاتية لا شرعية، وفي ذلك تكمن عظمة الاسلام كنموذج سياسي حسب ابن خلدون. فالخليفة مقيد كذلك رغباته وشهواته، في حين أن الملك لا يعترف بأي قانون أعلى، ويترتب عن ذلك أن الخلافة تمتاز عن الملك بشيء آخر، فالملك يسهر على مصالح المحكومين الدنيوية فحسب، في حين أن الخلافة تسهر أيضاً على آخرتهم نظراً لطبيعتها الروحية.
ويلحّ ابن خلدون على أن الخلافة مؤسسة نوعية في الاسلام، لأنها تقيد إرادة الحاكم بالشريعة الإلهية، في حين أن الملك يوجد لدى أمم أخرى، وفي كل مكان اجتمع فيه الناس وقرروا العيش معاً.
إن الخليفة هو الذي يخلف إنساناً آخر، إنه يخلف الرسول في مهمته: تمكين مجموعة من الناس من أن يعيشوا في ظل قوانين دينية، تضمن لهم حياة يسودها الانسجام في الدنيا والسعادة في الآخرة.
ليس بإمكان أي كان أو يطمح إلى الخلافة، ذلك أن التمتع بهذا الامتياز يخضع لمقاييس دقيقة، في حين أن الألقاب الأخرى في متناول أي كان ومنها لقب السلطان، الذي يعود في أصله إلى فعل سلط (حكم)، ولقب ملك الذي يحمل نفس الدلالة الحافة على القوة، وكلها ألقاب تعني السلطة الخام التي لا يعدل منها الدين. ولذلك أمكن للنساء حملها، لأنها لا تتضمن أو تدل على مهمة إلهية، أما لقب الخليفة فليس بوسعهن الطموح إليه مطلقاً. لكي نفهم ذلك علينا أن ننكب على المقاييس الموضوعة لاختيار الخليفة، لأنها تكشف سر إبعاد النساء.
بعد مجيء الرسول، قرر العرب حسب ابن خلدون أن يحلوا مسألة العلاقة المتوترة بين حاكم يفرض نفسه بالقوة، ومحكوم مجبر على الطاعة، وذلك باعتماد الشريعة التي تربط بين الإثنين يلقب الحاكم في هذه الحالة بالخليفة، أي الذي يخلف الرسول (ص) في تسيير شؤون المسلمين. وما يربط بين الخليفة والمؤمن ويخضع إرادتيهما معاً هو إيمانهما بالشريعة الإلهية.
تعد الخلافة تجديداً في التاريخ العربي، وهي امتياز أضفاه الله عليهم بواسطة نبي عربي، مكنهم من تجاوز العلاقة المنبنية على العنف بالضرورة بين الحاكم والمجموعة. وذلك ما يفسر كون قلة من قادة الدول الذين لا يعود نسبهم إلى العرب هم الذين حملوا لقب خليفة فحسب، في حين أنه كان بإمكان أي عسكري يخضع بلداً بالقوة أن يطمح إلى لقب سلطان أو ملك.
وإذن فليست النساء هن الوحيدات اللائي لا يمكنهن الطموح إلى نيل لقب الخليفة، ونادرون هم الرجال الذين نجحوا في الحصول على السلطة في العالم الاسلامي وحمل هذا اللقب، واستثارة الإقناع والمصداقية.
إن بروز النساء على الساحة السياسية الاسلامية التي تخضع عادة لخليفة، حتى وإن تعلق الأمر بإشراف إسمي، في حالة فقدان هذا الأخير لقوته العسكرية، يدل على أن التابعين أصبحوا سادة، وأن المتمردين تقلدوا منصب القياجة، وأن النظام ليس على ما يرام.
لقد عبرت الخلافة القرون لأنها حلم بحكم عادل، ومن الحلم تستمد قوتها على التحمل وسلطتها الخفية، إنها حلم بدا صعب التحقق إلى أبعد حد بعد وفاة الرسول (ص)، وهي صورة أسطورية لأمة سعيدة يقودها خليفة متواضع، أسير للقانون الإلهي وتابع لهديه. وأياً كانت الغرابة في ذلك، فإن الخليفة كما يقال ويعاد دائماً، لا يملك السلطة التشريعية، وبالتالي ليس بإمكانه القيام بإصلاحات قانونية، لأن الله سبحانه وتعالى هو المشرع.
لقد نزل التشريع مرة واحدة، ولذا فإن كل تغيير في قوانين الأحوال الشخصية المرتبطة بالشريعة، وكل إصلاح في القوانين المتعلقة بالتعدد والطلاق والإرث والتبني، تثير زوبعة في المجتمعات الإسلامية التي تحاول أن تلائم هذه القوانين مع المشاكل اليومية والضغوط التي تتخللها.
حسب لسان العرب، لا يمكن استعمال خليفة للمؤنث: ((خليفة وخلفاء، كسروه تكسير فعيل لأنه لا يكون إلا للمذكر. وقالوا خلفاء من أجل أنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء)). أما لفظة سلطان وملك فتوجد لهما صيغة في المؤنث، ويبدو أن النحو العربي قد نظم توزيع السلطة السياسية بين النساء والرجال ووجهه.. والواقع أن النساء لم يتحملن الخلافة، في حين أن العديد منهن كن ملكات وسلطانات.
من أشهر الملكات، هناك السلطانة راضية، التي تولت الحكم بدلهي خلال سنوات ابتداء من 634هـ .
تولت السلطانة راضية الحكم في ظروف مشابهة لتلك التي تحملت فيها المسؤولية بينازير بوتو، وقد طلبت من الشعب أن ينصفها إثر جريمة اقترفها السلطان القائم أخوها ركن الدين.
هناك ملكة أخرى حملت لقب سلطانة هي ملكة مصر شجرة الدر التي استولت على الحكم سنة 648هـ . شأنها في ذلك شأن أي قائد عسكري يفرض نفسه بحسه الاستراتيجي، حيث إنها قادت المسلمين خلال الحروب الصليبية إلى انتصار يتذكره الفرنسيون جيداً، بما أنها هزمت جيشهم وأسرت ملكهم لويس التاسع.
بيد أن الملكات العربيات نادراً ما حملن لقب سلطان، وقد أضفى عليهن المؤرخون غالباً لقب ملكة. ولنكتف الآن بالإشارة إلى أن راضية، شأنها في ذلك شأن شجرة الدر كانت تركية، وتسلمت السلطة في دول مملوكية حكمت مصر والهند. أما في اليمن، فقد حملت عدة سلطانات لقب ملكة كأسماء وعروة اللتين حكمتا صنعاء في نهاية القرن الحادي عشر. وإذا كانت الفترة التي شاركت فيها اسماء زوجها علياً مؤسس المملكة الصليحية الحكم جد وجيزة، فإن الملكة عروة وعلى العكس من ذلك قد حكمت قرابة نصف قرن، حيث سهرت على شؤون الدولة وخططت الاستراتيجيات الحربية حتى وفاتها سنة 484هـ . ويمكن القول بأن لقب ملكة هو اللقب الشائع الذي كان يمنح لكل امرأة تسلمت نصيباً من السلطة في كل أنحاء العالم الاسلامي من دلهي حتى المغرب العربي. وقد حملت عدة ملكات بربريات هذا اللقب، ومن أشهرهن زينب النفزاوية التي شاركت زوجها يوسف بن تاشفين الحكم، حيث يصفها المؤرخ أبو زهر الفاسي بالقائمة بملكه، وأي ملك هو، بما أن الأمر يتعلق بإحدى الامبراطوريتين اللتين أسسهما الملوك المغاربة، حيث امتدت سلطتهما حتى إسبانيا حكم يوسف بن تاشفين ما بين 453 و 500هـ . ويبدو أن المؤرخين العرب، لا يرون غضاضة في الاعتراف بالنساء كملكات متحملات للسلطة الدنيوية.
هناك لقب آخر أطلق على النساء اللائي مارسن السلطة السياسية وهو الحرة. تعنى لفظة (الحرة) المرأة التي تتوفر على حريتها مقابل الأمة، وكانت الحرة في الحريم تعني الزوجة الشرعية التي تنحدر غالباً من أصل أرستقراطي، وذلك على عكس الجارية التي كانت تشترى من طرف السيد في أسواق النخاسة. يجب التذكير هنا بأن لا علاقة للفظة حر وحرية في القاموس العربي بالدجلالة الحافة الحديثة التي ترتبط بحقوق الانسان. إن الحرية لا تتجذر لدينا في ذاكرة من المطالب والصراع من أجل تحرر الفرد واستقلاله. إنها نقيض العبودية. إن مفهوم ـ حر ـ يبعث بنا على تذكر الزواج الأرستقراطي ـ العبودي، الذي يجدر بنا التعمق فيه، فالسيدة هي مؤنث لفظة السيد التي تناقض في مدلولها لفظة العبد ونحن نستعملها اليوم في لدلالة على المرأة أو الرجل. أما لفظة حر فهي أصل كلمة حرية ولكنها حرية بمعنى السيادة الأرستقراطية وليس بمعنى النضال ضد الاستبداد. ذك أن لفظة حر في اللغة العربية لا تتوفر على دلالة حافة ديمقراطية أو شعبية، إنها على العكس من ذلك تطلق على الانسان الذي يتميز عن العبد، ويسمو عن تابعه.
لقد أطلق لقب حرة على ملكتين يمنيتين عاشتا في القرن الحادي عشر والثاني عشر هما أسماء وعروة.
وتبرز العديد من النساء على الحلبة السياسية الاسلامية خلال الأحداث الكبرى التي تكتسي صبغة القطيعة، كما هو الشأن بالنسبة لسقوط غرناطة حين طرد المسيحيون المسلمون من إسبانيا في نهاية القرن الخامس عشر.
ومن أشهر النساء عائشة الحرة، التي تعرف لدى الإسبان باسم السلطانة أم أبي محمد لابن أبي عبدالله نسبة إلى ابنها، وقد استثارت إعجاب أعدائها خلال فترة النكبة.
إن عائشة الحرة هي التي قررت وعملت على نقل السلطة من يدي زوجها الذي تقدم به السن، علي أبي الحسن، الذي تولى الحكم سنة 866هـ ، إلى أحد أبنائها منه وهو محمد أبو عبدالله، آخر ملوك غرناطة، الذي كان يلقب بمحمد الحادي عشر. وقد تولى الحكم سنة 887هـ وسار على هدي وتوجيهات أمه، واحتفظ بالسلطة بعد التقلبات والقلاقل حتى سنة 896هـ الحاسمة، أي عام بعد سقوط غرناطة. إنه آخر ملوك بني الأحمر الذين حكموا غرنامة (629 ـ 897هـ )، حيث ظل اسمهم مرتبطاً إلى الأبد في ذاكرة العرب بإحدى الهزائم الكبرى في تاريخهم. وقد كان هروبه من جيوش فرديناند وإيزابيلا الكاثوليكية، إعلاناً عن موت الإمبراطورية الاسلامية، التي حكمت إسبانيا خلال ثمانية قرون. ومن هنا يمكن فهم الصمت الذي أبداه التاريخ العربي اتجاه الدور الذي لعبته عائشة الحرة، كشاهدة وفاعلة في الأحداث خلال فترة من أحلك فترات تاريخ الغرب الاسلامي.
تعود بداية اهتمام عائشة الحرة بالسياسة إلى صدمة تلقتها في حياتها الزوجية. لقد كانت تسكن قصر الحمراء الفخم، ورزقت من زوجها طفلين: محمد (أبو عبدالله) ويوسف، وكانت تراقب بحزن النكبات العسكرية التي تنبئ بالسقوط المقبل. لقد خاضت غمار العمل السياسي حين ضعف زوجها الذي كان يكبرها سناً أمام جمال أسيرة حرب إسبانية، نجحت في أن تغدو محظية الملك وتدعى إيزابيلا.
أسرت هذه الأخيرة منذ طفولتها من لدن العرب في إحدى غزواتهم العسكرية، وقررت، وهي محظية الملك التي تتقن فن الإغراء، أن تعتنق الاسلام، وتطلق على نفسها اسم (ثريا)، الشيء الذي ضاعف من إعجاب السيد العربي بها، فحررها وتزوجها. ورزق منها بأطفال، الشيء الذي قوى موقعها، ومن ثم استغلت حظوتها لدى الملك في ذلك الوضع السياسي المتفجر، لكي تخدم مصلحة أبنائها.
استشعرت النخبة في غرناطة الخطر الذي يمثله صعود الزوجة الإسبانية، فاستجابت لنداء الزوجة العربية التي كانت ترمي إلى أهداف واضحة: إقالة الملك الخائن لشعبه، تعويضه بابنه أبي عبدالله، واللعب، من أجل تحقيق ذلك على، الحس الوطني لدى الأندلسيين القلقين على مصيرهم. غدا قصر الحمراء ساحة معركة حقيقية، موزعاً بين امرأتين تمثلان ثقافتين عدوتين لا مناص من اختفاء إحداهما. قررت الملكة العربية الحرة التي كانت تسكن الجناح الذي يضم ساحة السباع المشهورة، الملقبة ببهو الصبا أن تتحرك، فهربت من القصر ونظمت منذ ذلك الحين هجماتها من الخراج حتى سقوط زوجها، ووصول ابنه أبي عبدالله إلى العرش في سن الخامسة والعشرين سنة 887هـ .
قذف سقوط غرناطة بحرات أخريات إلى الساحة السياسية، نساء ينتمين إلى النخبة، كن سيعشن حياة الحريم الخاملة لولا أن النكبة رمت بهن إلى المعمعة، وأجبرتهن على تحمل مسؤولية ذاتهن، والمساهمة في الأحداث الخطيرة التي كانت تعيشها الأمة. لقد تحررن من أسر التقاليد التي كانت تشلهن وتحكم عليهن بملازمة المجال المنزلي. وأثبتن رغم انعدام تجربتهن على أنهن مخططات استراتيجيات محنكات، وأنهن لسن أقل بروزاً من الرجال، ولكي ينسين الهزيمة، لم تجد إحداهن وهي مغربية من اصل أندلسي، أفضل من خوض غمار القرصنة، وأبرزت في ذلك مواهب خارقة فلقبت بحاكمة تطوان. وقد مارست السلطة عملياً خلال ثلاثين سنة (أي بين سنة 916هـ التي تولى فيها زوجها المندري الحكم، وسنة 949هـ حين تمت إقالتها).
وبعد وفاة زوجها الأول تتزوج ملك المغرب أحمد الوطاسي، الذي كان ثالث ملوك الدولة الوطاسية، وحكم بين سنوات 932 و 966هـ . ولكي تثبت أنها ليست عازمة البتة على التخلي عن دورها السياسي، فرضت عليه أن يرحل من عاصمته فاس ويحضر إلى تطوان من أجل إقامة حفل الزواج. لقد كانت تلك هي المرة الوحيدة التي يتزوج فيها ملك مغربي خارج عاصمته.
لم تحصل حاكمة تطوان على الحق في حمل لقب الحرة، الذي يدل على تقلدها مهام السلطة العليا إلا في سنة 1515 بعد وفاة زوجها. انتخبت والية على تطوان، وأبانت عن كفاءة أهلتها لتغدو حاكمة على المدينة. وبعدها اتصلت بالقرصان العثماني، خير الدين المعروف باسم بابيروس، وأنشأت أسطولا وخاضت غمار السباق في البحر الأبيض المتوسط. وقد ربط الإسبان والبرتغاليون معها علاقات وثيقة من أجل إطلاق سراح أسراهم، بصفتها القوة البحرية المسؤولة عن المنطقة.
و (السيدة الحرة) هو اللقب الوحيد الذي تنعتها به الوثائق البرتغالية والإسبانية المتعلقة بها، إلى حد أن كتابها يتساءلون عما إذا كان هذا اللقب هو اسمها الحقيقي.
هناك لقب آخر تحمله الملكات عند العرب هو الست، وقد كان اسم إحدى ملكات الفاطميين بمصر ست الملك (ولدت سنة 359هـ )، وقد استحوذت على السلطة بعد أن نظمت عملية (اختفاء) أخيها الحاكم بأمر الله، الخليفة الفاطمي السادس سنة 411هـ ، وكانت لها دوافعها إلى ذلك، إذ أن تجاوزات أخيها فاقت الحد، فبعد أن كان يسلط قهره على الضعاف والكلاب التي قرر القضاء عليها، والنساء اللائي منعهن من الخروج، استفاق ذات يوم ليعلن ألوهيته ويطالب جماهير القاهرة وضمنهم ست الملك بعبادته.
ويبدو أن لقب (الست) قد أضفي على نساء ذوات مواهب استثنائية، ويذكر الزركلي، في مؤلفه الأعلام، نساء كثيرات حملنه وفرضن أنفسهن في مجال العلوم الدينية. هناك (ست القضاء) و (ست الكتبة)، و (ست العرب) التي توفيت سنة 767هـ .
وهناك (ست العجم بنت النفيس بن أبي القاسم البغدادية، متصوفة فاضلة انتقلت من بغداد إلى حلب) وقد توفيت سنة 852هـ . وهناك أيضاً ست الوزراء التي توفيت سنة 716هـ (وتدعى بوزيرة: فقيهة محدثة، دمشقية المولد والوفاة، أخذت صحيح البخاري عن أبي عبدالله الزبيدي وحدثت به وبمسند الشافعي…).
ومن بين الألقاب الاستثنائية، إلى حد ما، في المجال الاسلامي، الذي يميز بدقة بين السلطة الروحية والدنيوية، أو العسكرية بتعبير أدق نجد لقباً منح لملكة يمنية كانت زعيمة دينية وهي ابنة الإمام الزيدي الناصر لدين الله، لقبت بالشريفة فاطمة وتوفيت بعد سنة 860هـ . أما الغالية الوهابية التي كانت على مذهب الحنابلة، من سكان (تربة) قرب الطائف، فقد قادت المقاومة العسكرية في الجزيرة العربية، ودافعت عن مكة على الأخص ضد الأطماع الأجنبية، ولذلك لقبت بالأميرة. ونظراً لجسارتها، ومواهبها الاستراتيجية، اعتقد أعداؤها الذين واجهوها في ساحة المعركة بأنها ساحرة، (وأن لها قدرة على إخفاء رؤساء الوهابيين).
إلا أن النساء اللائي اقتحمن الحلبة السياسية لم يكن في غالب الأمر ـ شأنهن في ذلك شأن أغلبية الرجال ـ قائدات عسكريات أو زعيمات دينيات متميزات. ورغم أنهن قدن أحياناً عمليات عسكرية، فإنهن لم يسجلن في ذلك امتيازاً يذكر. أما بالنسبة للزعامة الدينية، فإن المصالح السياسية دعتهن كزملائهن الرجال إلى محاولة أكثر من الارتباط بالروحي ورموزه.
وهناك لقب خاتون هو الذي يصادف أكثر من غيره في المنطقة الاسلامية الآسيوية، وحسب الموسوعة الاسلامية، ((فإنه لقب كان يطلق على زوجات وقريبات الملوك الأتراك، قد استعمله السلاجقة وملوك خوارزم)).
حملت لقب خاتون نساء عديدات ساهمن بنشاط في المجال السياسي، وغالباً سهرن على شؤون الدولة مع أزواجهن أو وحيدات. ومن المشاكل التي ستطرح على الأمراء المغول، الذين غزوا البلاد الاسلامية خلال عقود قليلة، إيجاد سبيل للتوفيق بين مكانة المرأة لديهم في المجال العام، وبين حصرها في المجال الخاص كما هو الشأن في البلاد العربية. وقد واجه غازان ابن أرغون حفيد هولاكو أحد الملوك الإيلخانيين هذا المشكل، بعد توليه الحكم، سنة 694هـ إثر اعتناقه للمذهب السني.
لقد لعبت دوكوز خاتون، التي كانت الزوجة المفضلة لدى هولاكو ابن جنكيزخان، الذي غزا جزءاً كبيراً من الامبراطورية الاسلامية، وأخضع عاصمتها بغداد سنة 1258، دوراً هاماً في تحديد موقف الغزاة الجدد من المحسيحيين. وبما أنها كانت تنتمي إلى الفئة النسطورية، فقد حاولت أن تضمن لهؤلاء وضعية امتياز، وأن تعينهم في مناصب المسؤولية. لقد كانت دهشة الكريم أزبك مبعوث حمص بالغة حين استقبل من طرف هولاكو لكي يتحادثا في الشؤون السياسية، ولاحظ أن زوجة هذا الأخير حاضرة باستمرار. لقد اضطر المجال الاسلامي للخضوع لتقاليد الأدغال الآسيوية فيما يتعلق بدور النساء ومكانتهن في الحياة العامة.
حملت لقب خاتون أيضاً ملكات من مملكة ختلغ خانيد في دولة كرمان، ودافعن عنه بجدارة، كانت تلك حالة ختلغ تاركان خاتون وبادشاه خاتون الملكتين
الرابعة والسادسة بالمملكة المذكورة في 1237 و 1293.
——————————————————-