الفقر والإرهاب

الفقر والإرهاب
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81 Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81

issam2ny_0بقلم: عصام خوري

منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية

تختلف المدارس السياسية والثقافية في تعريفها عن الإرهاب، لكن جميع المدارس وفي كل المجتمعات تعرف الفقر وتتعايش معه، لان قضايا الفقر تاريخيا كانت جزأ لا يتجزأ من حركات المجتمعات الحية، ولعل الفقر كان من أكثر الآفات الاجتماعية التي تصيب المجتمعات وتجبرها على التغيير، ولعل أهم الثورات في العالم كان عناصرها الميدانيين هم من الفقراء.

فمن الأمثلة الشائعة في العالم العربي قول الإمام علي بن ابي طالب: “لو كان الفقر رجلا لكنت قتلته”، كما أن الأمم المتحدة أولت الفقر أهمية خاصة من خلال إدراجه ضمن أهداف الألفية.

اليوم وبعد انطلاق ما يدعى مشروع مكافحة الإرهاب الذي تبنته إدارة بوش، وتستكمله إدارة أوباما في أفغانستان، تبين وبكل وضوح مدى تنامي الجماعات الإرهابية في دول العالم الفقير، وخاصة الدول الإسلامية منه. مما طرح جدلية واسعة بين المسلمين أنفسهم تحمل السؤال التالي: هل الحرب على المسلمين أم على الإرهابيين؟!!..

الفقر والتدين:

تشير عديد من الدراسات أن الفقير دائما ينتابه شعور من الحرمان، وفي كثير من الأحيان يراوده شعور بالغبن على واقعه، واذا راقبنا غالبية الأفلام والمسلسلات المصرية نجد أكثرها انتشارا تلك التي تناقش هذه الحالة، وخاصة تلك التي تبين الفوارق الاجتماعية بين الطبقتين الغنية والثرية، هذا الامر نراه أيضا في السينما الهندية ذات الجمهور العريض.

من هذين المثالين الواضحين نستدل على معطيات تستخدمها الجماعات السلفية بشكل واضح لزيادة جمهورها وارضيتها الشعبية، فالجماعات السلفية دائما تبحث في المناطق المعزولة عن السلطة الأمنية مثل المخيمات الفلسطينية في لبنان، أو جبال قنديل أو جنوبي هضبة الانضول، أو أفغانستان أو منطقة القبائل بين باكستان وأفغانستان…

ويلاحظ دائما في هذه المناطق ونتيجة غياب مؤسسات واضحة للدولة، غياب عريض لخدمات البنى التحتية، مما يجعل المواطن القاطن في هذه المناطق في حالة تيه اجتماعي بين قيمه الرابي عليها، واحتياجاته التي لا توفرها السلطات السياسية في البلاد، مما يجعله من أشد الناقمين على النظام في بلده، وكون السلطات السياسية في هذه البلدان غير ديمقراطية فإنها تتعاطى مع شعور المواطن في هذه المنطقة، من مبدأ سلبي وتهجمي.

مما يجعل واقع هذه المخيمات في حالة فقر مدقع وتخلف كبير، مما يؤدي إلى تزايد نسب الولادات وكثافة السكان في رقعة المخيم الضيقة والضعيفة الخدمات الصحية والتعليمية، فتتزايد نسب الوفيات ويتزايد نسب التسرب من المدارس، مما يجعل هذه المخيمات بؤر اجتماعية حقيقية. المسؤول الوحيد بنظر المواطن البسيط  عن مجمل هذه الاشكالات هو غياب الدولة، أما المثقف  يتهم النظام العالمي الاستعماري المتحالف مع الديكتاتوريات المحلية…

بينما عند المتدين هي تجارب الله الذي يختبر فيها قدرة الإنسان على الاحتمال.

في حين الجماعات السلفية التكفيرية من المتدينين، ترى أن الله لا يستجيب، نتيجة غياب الجهاد في سبيله، خاصة وأن الفكر الاسلامي يحض على الجهاد في سبيل الله، ومن هنا جاءت قوة تنظيم القاعدة، الذي بين هذه الحقيقة بشكل واضح وعلني.

المواطن الفقير في هذه المناطق إن كان على ثقافة جيدة، فإنه وبحكم واقع القلة، فإنه سينكفئ على نفسه ويتقوقع على عائلته، وفي كثير من الاحيان قد يفقد السلطة على ابنائه الشباب، نتيجة عدم قدرته على تأمين قوتهم بالشكل المناسب. في حين تنشط الجماعات السلفية وتلك المتدينة على احتضان شريحة الشباب، مؤدية لتنامي التدين في هذه المجتمعات، وفي هذا الامر نجد مثال نجاح حركة حماس في استقطاب غالبية الشعب الفلسطيني تحت لوائها رغم تاريخ منظمة التحرير  الطويل الممثلة بحركة فتح والفصائل الثورية الاخرى.

شخصية الفقير وبناء ثقافة الارهاب:

في حال غياب أرضية ثقافية عند الفقير، فإنه سيكون أكثر المتأثرين بتنامي تأثير التبريرات الدينية التي يطلقها السلفيين أو المتدينين على واقعه، لكن هذا المواطن وكما وضحت سابقا يشعر بتلازم شعوريين هامين هما الظلم “الغبن” والحرمان، ويسعى دائما لتغيرهما، وبما أن جميع الأطراف التي تبرر هذا الواقع هي أطراف غير ثورية في ظل غياب عصر الثورات في العالم، فإن الحركات السلفية الجهادية هي الحركات الوحيدة التي من الممكن أن تلبي رغباته، لكن هذا لن يتم إلا وفق أسلوبها هي ورؤيتها هي.

في هذا الاطار نرى تزايد أعضاء هذه الجماعات الجهادية، وإن لم يكونوا كلهم على الدرجة ذاتها من حمل الفكر الارهابي، إلا أن مساعدات عالية وواضحة من هذه الجماعات لأحدهم “تكون علنية، مثل تقديم المال من أجل عملية طبية، أو تأمين نفقات زواج، أو مساندة عضلية خلال شجار” فإنها ستعزز التزام العضو في الجماعة، خاصة وإن هذه الجماعة تتعاطى معه، وفق مبدأ الأخ في أخوية دينية هدفها الارتقاء بالعالم نحو الخلاص من خلال الجهاد.

آلية تحويل الفقير نحو الإرهاب:

1- الدعوة الدينية: وتتضمن ما يلي:

–  كثافة في المنشورات الإسلامية.

– أقراص مدمجة عن خطب دينية حماسية وجهادية.

– كثرة في المساجد والمدارس الدينية.

– نشاط في تحفيظ القرآن.

تترافق المحاضرات الدينية، بالثناء على الجهاد ودور المجاهد في الحياة، والثواب الذي سيحصل عليه، والتركيز على رمزية الحياة الحالية، وجمالها في الفردوس. ويضاف لهذا التوجه ابراز عجز الحكومات العميلة على عمليات الاصلاح والانماء في بلدانها، وعجزها أيضا عن مقارعة المحتل، وعدم رغبتها في ذلك. وكون هذه الحكومات فاسدة فهي بالتالي حكومات كافرة، يجوز قصاصها يوم القيامة، كما أن الله يقاسسها الآن في كل هزائمها.

2- الدعوة الاقتصادية: تقوم هذه الجماعات على توفير فرص عمل للعضو الجديد، وقد يكون العمل غير مجدي ماديا بشكل كبير، لكن الجماعة السلفية تقنع الفقير بضرورة العمل من اجل الثواب، وفي هذا الامر نرى عدد كبير من الاعضاء الجدد في هذه الجمعيات والتنظيمات الجهادية يعملون في اعمال بيع الفول والفلافل والقهوة والخضرة…

رغم هزالة رواتبهم إلا أنها تبلغ أكثر مما ينتجون، في حين تقوم الجماعة على توفير مبلغ اضافي للعضو الجديد اضافة لعمله ليجعله مستمرا على اعالة اسرته، بدورها قيادة الجماعة تقوم بعدة اعمال غير شرعية لتوفير رواتب لأنصارها”.

3- مساعدات اجتماعية: وتتمثل بمساعدات مباشرة في أوقات النكبات والمصائب الصحية التي تصيب ذوي أو أحد عناصر الجماعة.

4- مواقف اجتماعية: وتتمثل في وقفه رجالات الجماعة السلفية في مجلس عزاء أحد أعضائهم، وتوفير القهوة المرّة وخيم العزاء، والمصليين من رجال الدين. والأمر ينعكس تماما في حالة الفرح حيث تقدم الجماعة جزء من مهر الفتاة، وأحيانا كثيرة تزوج الجماعة أبنه أحد أعضائها لأحد أعضائها دون أي مهر أو نفقات.

في هذا الاسلوب يرى الفقير سندا حقيقيا له، يؤازره أوقات المصائب، فينتمي الفقير لهذه الجماعة بصورة مغالية على انتمائه الوطني. عند الوصول لهذا القناعة، تأتي مرحلة التحول نحو الانصهار في الجماعة والتدرج في مراتبها تبعا لمدى التزام الفقير بقيادات أعضائه.

ويلاحظ على الجماعات السلفية الجهادية ضرورة وجود عضو أو أكثر ذو خلفية فقيرة في قيادة الجماعة، وذلك لتشجيع الفقراء للانضمام في هذه الجماعة، وإشباع روح الحرمان عندهم، لكن مع التركيز على العضو الفقير بضرورة المثابرة والالتزام بقرار أمير الجماعة الأعلى.

sibaradmin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *